أكدت مؤسسة صحة الأطفال الألمانية أن الاستخدام المبكر للأدوية الخافضة للحمى قد يضر الطفل أكثر مما ينفعه! الحمى تُعَدُّ مجردَ عرضٍ لبداية المرض، وهي إشارة تحذيرية ليست خطيرة بحد ذاتها، وفقًا للقاعدة: “عالج المرض، وليس مقياس الحرارة”. والتي يؤَكِّدُها أطباء الأطفال أصحاب الخبرة. تعد درجات الحرارة المرتفعة بشكل ملحوظ السبب الأكثر شيوعًا لمراجعة الأطفال لعيادات طبيب الأطفال أو الأسرة. وذلك وفقاً لموقع فرانكفورت اون.
متى يمكن اعتبار الحمى خطيرة؟
اعتمادًا على الوقت من اليوم، يمكن أن تتقلب درجة حرارة الجسم، فتكون أعلى قليلاً عند المساء عنها في الصباح. درجة حرارة الجسم تعتبر طبيعية عندما تتراوح بين 36.5 درجة مئوية و37.5 درجة مئوية، وتُصنَّف بين 37.6 درجة مئوية و38.4 درجة مئوية كدرجة حرارة مرتفعة.
عندما يكون الطفل حديث الولادة أو رضيعًا صغيرًا (بين 0 و3 أشهر)، فإن درجة حرارته تُعتبر مرتفعة عندما تصل إلى 38.0 درجة مئوية، وتُعتبر حمى عندما تكون 38.5 درجة مئوية أو أكثر. إذا ظهرت عليه علامات المرض وشعر بالحرارة، من الأفضل قياس درجة حرارته عبر فتحة الشرج باستخدام مقياس حرارة رقمي. يجب على الآباء التأكد من أنهم يتعاملون مع مقياس الحرارة بعناية حتى يكون القياس غير مؤلم.
يمكن أيضًا استخدام مقياس حرارة يعمل بالأشعة تحت الحمراء في الأذن لقياس درجة حرارة الطفل، ومع ذلك، يتطلب ذلك معالجة دقيقة لتجنب القراءة الخطأ بسبب عن وجود شمع في الأذن على سبيل المثال. كما يجب تجنب استخدام مقياس الحرارة الجبيني لأنه غير دقيقة وليس موثوق بشكل كافٍ.
تزيد الحمى من القدرات المناعية للجسم
تعتبر مؤسسة صحة الأطفال أن الكثير من الآباء يفترضون أنه يجب علاج الحمى بالأدوية، ولكن هذا الافتراض غالبًا ما يؤدي لاستخدام غير متناسب أو حتى ضار للأدوية الخافضة للحرارة. تشير المؤسسة إلى أن الحمى تعتبر وسيلة مهمة للجسم لشفاء نفسه، حيث تحفز الجهاز المناعي للأداء بأقصى طاقته لمحاربة مسببات الأمراض. وتكون فعالة بشكل خاص ضد الالتهابات الفيروسية، حيث يتباطأ انتشار العديد من الفيروسات عند درجات حرارة تتجاوز 38.5 درجة. وبما أن الأطفال لا يزالون عرضة للعديد من الفيروسات التي اكتسب البالغون مناعة ضدها، فإن أجسامهم غالبًا ما تستخدم الحرارة كآلية دفاع.
فرصة للشفاء الذاتي
في حالة الشكاوى غير الضارة مثل الارتفاع الطفيف بدرجات حرارة الطفل، يجب على الآباء عدم اللجوء فورًا إلى تحاميل الحمى أو العصائر أو القطرات، بل إعطاء جسم الطفل فرصة للشفاء من تلقاء نفسه والنظر أيضًا في العلاجات المنزلية المجربة والمختبرة.
ويؤكد خبير التمثيل الغذائي من عيادة هونر للأطفال بجامعة ميونيخ أنه لا داعي لاتخاذ أي إجراءات بالنسبة للأطفال الذين هم في حالة تأهب ويأكلون ويشربون بشكل طبيعي على الرغم من ارتفاع درجة الحرارة. ومع ذلك، إذا ارتفعت درجة الحرارة فوق 38.5 درجة، يمكن أن تتأثر الحالة العامة للطفل، إذ يشعر بالسوء، ويعاني من آلام بالعضلات والأطراف، وليس لديه شهية ويتذمر.
يقول البروفيسور برتولد كوليتزكو: “إذا كان الطفل يعاني بشكل واضح، فمن المنطقي تقليل الحمى. لذلك، طالما أن الطفل لا يشعر بالمرض الشديد ويترك انطباعًا عامًا جيدًا، فلا داعي لمعالجة الحمى”. ليست الحمى هي التي تجعل الطفل مريضاً، بل العامل الممرض الذي يقف وراء العدوى أو الالتهاب. لذلك، فإن العثور على سبب الحمى أكثر أهمية من تقليلها.
يتحمل الأطفال الصغار عمومًا درجات الحرارة المرتفعة بشكل أفضل بكثير من المراهقين أو البالغين. حتى الحمى المرتفعة التي تزيد عن 40 درجة لا تزعجهم في كثير من الأحيان! التدابير المضادة ضرورية فقط إذا كان الطفل الذي يعاني من الحمى، مضطربًا أو متذمرًا، أو يرفض الشرب أو الأكل، أو لا يستطيع النوم، أو مرتبكًا، أو أصيب بالفعل بنوبة حموية. وبطبيعة الحال، هذا لا ينطبق على الأطفال حديثي الولادة والرضع.
أدوية متداولة لها أثار جانبية خطيرة!
على الرغم من أن أدوية خفض الحمى تعد من بين الأدوية الأكثر استخدامًا في العالم وكانت متاحة منذ فترة طويلة بدون وصفة طبية في ألمانيا، إلا أنه يجب على الآباء طلب المشورة الطبية حول استخدامها لدى الأطفال بسبب آثارها الجانبية المحتملة، كما تؤكد مؤسسة صحة الأطفال. يفضل استخدام مادة الباراسيتامول على شكل تحاميل. ولكن إذا استخدمت لفترة طويلة أو بجرعة عالية، فهناك خطر حدوث تلف خطير في الكبد. تشير الدراسات الحالية أيضًا إلى إمكانية حدوث تأثيرات ضارة على وظائف المخ وبنيته وتطور اضطراب طيف التوحد (ASD).
وتعادل مادة الإيبوبروفين مادة الباراسيتامول من حيث فعاليتها ضد الحمى، بل إنها أكثر ملاءمة لتخفيف الألم في نفس الوقت. كما أثبت فعاليته في علاج التهابات الأذن الوسطى. ومع ذلك، تشمل الآثار الجانبية المحتملة آلام البطن والإسهال والإمساك والنزيف في المعدة والأمعاء. ومن الممكن أيضًا حدوث اضطرابات في وظائف الكلى. لا ينبغي استخدام حمض أسيتيل الساليسيليك “الأسبرين” دون سن الثانية عشرة بسبب التأثير النادر جدًا ولكن الخطير لـ “متلازمة راي”، مع خطر حدوث تلف في الكبد والدماغ.
ما هي العلاجات المنزلية التي تساعد بشكل أفضل؟
يحتاج الأطفال المصابون بالحمى إلى الكثير من السوائل لتعويض الماء المفقود من خلال التعرق. وطالما كان الطفل يرتجف في بداية الحمى، يجب على الوالدين التأكد من تدفئة الطفل. ويفضل أن يكون ذلك ببطانية من الصوف أو زجاجة ماء ساخن. يوصى بإجراءات التبريد فقط عندما يشعر الطفل بالدفء ليس فقط وجه الطفل وجبهته، ولكن أيضًا ساقيه وبقية الجسم. يستمتع معظم الأطفال بالاستحمام، لذلك يجدون حمامًا باردًا يخفض الحمى أمرًا ممتعًا.
متى يجب طلب المشورة الطبية فيما يتعلق بالحمى؟
إذا كانت درجة حرارة المولود الجديد أو الرضيع الصغير (من 0 إلى 3 أشهر) تبلغ 38 درجة مئوية أو أكثر، أو كانت درجة حرارة جسمه منخفضة للغاية، أو إذا كان الطفل لا يشرب، أو يعرج، أو يعاني من تغيرات في الجلد (للأطفال أقل من عامين)، أو إذا استمرت الحمى لمدة أطول من يوم، أو لم تنخفض الحمى بالرغم من تناول الأدوية الخافضة للحرارة، أو ظهرت أعراض أخرى مثل الصداع، الإسهال، القيء، الحساسية للمس، الطفح الجلدي، تصلب الرقبة، الخمول، أو إذا كان الطفل لا يزال يعاني من ضعف كبير رغم تدابير خفض الحمى، أو لا يريد أن يشرب عند الإصابة بالحمى، أو عندما يكون الآباء غير متأكدين من حالة طفلهم ولا يعرفون بالضبط ما الخطأ، يجب استشارة الطبيب فورًا..