خلال عطلة نهاية الأسبوع ومع بداية تحسن الجو قررت زيارة برلين وقضاء ليلتين هناك. بعد انتقالي للعمل في هامبورغ، تركت صديقتين عزيزتين في مدينة هانوفر. بسبب انشغال الجميع لم نستطع الالتقاء سوياً منذ أغسطس الماضي، لذلك قررنا أن نجتمع في برلين ونقضي بعض الوقت سوياً. لم يكن لدينا برنامج محدد لجدول الزيارات وقررنا أن نكون عفويين. يوم السبت بعد الفطور قررنا أخذ جولة وسط مدينة برلين التي تعج بالكثير من السياح. لكننا لم نُرد بذل الكثير من المجهود وضياع الوقت في الانتقال بين محطات الأوبان المختلفة، فحجزنا جولة بالباص المكشوف “Stadtrundfahrt” مدتها ساعتان ونصف.
التجربة الأولى لجولة المدينة بالباص
بالرغم من سفري لمدن كثيرة حول العالم لم تجذبني يوماً فكرة جولة الباص السياحي المكشوف. لكن هذه المرة قررت أن أجرب شيئاً جديداً. قمنا بشراء التذاكر أونلاين وبحثنا عن أقرب مكان لنبدأ منه الجولة وكان عند Tauentzienstraße من أمام كنيسة القيصر فيلهلم التذكارية. تعرضت الكنيسة لأضرار بالغة أثناء الحرب العالمية الثانية وخلال عملية إعادة الإعمار تم هدم الصحن والاحتفاظ بأنقاض البرج كنصب تذكاري. كما بنيت أربعة أجزاء جديدة على الطراز الحديث تشمل صحن وبرج الكنيسة وكنيسة صغيرة وردهة.
يتوقف الباص خلال جولته –التي تستمر ساعتين ونصف – عند أهم المعالم السياحية في برلين . تبلغ قيمة البطاقة 27 يورو للفرد وهي صالحة لمدة 24 ساعة. حيث يمكن للركاب الصعود والنزول في 24 محطة لمشاهدة إحدى المعالم عن قرب أو أخذ قسط من الراحة. ثم يمكنكم معاودة الصعود مرة أخرى في أي محطة ترغبونها، لذلك شراء التذكرة في منتصف اليوم يتيح لكم استخدمها في اليوم التالي مجدداً إذا لم ترغبوا في إنهاء الجولة كاملة خلال يوم واحد.
واقعة حرق النازيين للكتب
خلال الجولة توقفنا عند Bebelplatz في الساحة المواجهه لجامعة Humboldt. شهدت الساحة واقعة حرق الكتب من قبل النازيين في 10 مايو/ آيار عام 1933. وكان من بين المشاركين في عملية الحرق طلاب وأساتذة ينتمون للحزب الاشتراكي الوطني، لكن المكتبة الفارغة بقيت الآن وهي مجسم تذكاري للواقعة.
في طريقنا عبرنا شارع “Unter den Linden” حيث تمتد أشجار الزيزفون يميناً ويساراً، والتي زرعت بداية عام 1647. وقد تعرض العديد منها للقطع خلال عمليات إعادة البناء بعد انهيار جدار برلين. في نهاية الشارع نصل إلى تقاطع “Großer Stern” حيث يوجد “Victory Column”. والذي يتمركز وسط حديقة Tiergarten، كما يبعد 2 كيلو متر عن بوابة براندنبورغ. يمكن الاستمتاع بالإطلالة من قمة عامود النصر مجاناً، لكن يتطلب ذلك الصعود 285 درجة. يرمز العامود إلى انتصار ألمانيا على الدنمارك والنمسا وفرنسا بين عامي 1864 و1871.
نقطة تفتيش تشارلي
تُعد نقطة تفتيش تشارلي أحد أهم المعالم والأكثر زيارة في برلين. حيث تجتذب حشوداً ضخمة من السياح من ألمانيا وخارجها. كانت نقطة التفتيش العسكرية أشهر معبر حدودي بين برلين الشرقية والغربية خلال الحرب الباردة. في عام 1961 واجهت الدبابات الأمريكية والسوفيتية بعضها البعض هناك. كان الأمريكيون يسيطرون على نقطة التفتيش وسُمح حينها فقط للأجانب وموظفي البعثة الدائمة لجمهورية ألمانيا الاتحادية “GDR” ومسؤولي ألمانيا الشرقية بعبور الحدود.
توقف الباص خلال الجولة عند جسر “Oberbaumbrücke” الذي يربط بين منطقتي فريدريشهاين وكرويتسبيرغ. كان الجسر رمزاً للانقسام بين ألمانيا الشرقية والغربية. حيث تواجد عليه حراس مسلحون في دوريات المنطقة الحدودية على ضفاف نهر شبريه. بني الجسر عام 1896، ويُعد أجمل جسور برلين، وتضم المدينة ما يقرب من 1000 جسر!