ربما يمكن القول إن منصة تيك توك (TikTok) تربعت على عرش منصات التواصل الاجتماعي، واستحوذت على رغبات وميول الشباب والمراهقين! وقد اعتبرت سلاح ذو حدين، فيمكن أن يجني المرء من خلالها عوائد مادية أو فوائد علمية وفكرية. وبإمكانها أن تغدو مضيعة للوقت ووسيلة لانحراف الشباب لما تحتويه من مقاطع فيديو منافية للآداب! فماهي محاسن هذه المنصة وسلبياتها؟ وماذا يصنع القائمون عليها ليستقطبوا أكبر قدر من المشاهدات؟
ترويج وانتشارية
تملك منال ممدوح قناة على اليوتيوب وتعتبر تطبيق تيك توك وسيلة لزيادة نسبة المشاهدات في قناتها: “يقدّم التطبيق ميزة الترويج وزيادة الانتشار فيما يتعلق بالمقاطع التي يرغب المنتج بنشرها لزيادة عدد المشتركين. فيعد مفيداً من الناحية الإعلانية لمنتجي مقاطع الفيديو، باعتباره أكثر وسيلة تواصل اجتماعي انتشارًا”.
فائدة تعليمية
أما خريج كلية الهندسة الزراعية بدمشق صخر محمد قال: “يعتبرTikTok وسيلة تعليمية يتفاعل معها الكثيرون، فعلى سبيل المثال هناك عدد كبير من المدرسين يعرضون مقاطع فيديو نحوية للغة الألمانية لشرحها وتبسيطها بطريقة سهلة ومفهومة لتلاميذ اللغة، كما يتم عرض عدد كبير من الكلمات مرفقة بالصوت والصورة وهي وسائل توضيحية تعطي نتائج ملموسة، هذه القواعد لم أستطع فهمها من أساتذة اللغة في المدرسة”.
ويضيف المحمد: “التطبيق يقدم المعلومة والفائدة عن طريق المرح والتسلية، وهي وسيلة أثبتت جدارتها مع مرور الوقت. أفتح البرنامج من جوالي وأنا مستلقي على السرير، فأمضي ساعة من الوقت دون ملل وأنا أتصفح التطبيق وأحصل على معلومات لغوية، أعتقد أن التطبيق مناسب كثيراً لفئة الشباب الباحثين عن المرح والفائدة في آن واحد”.
وسيلة للتعارف والزواج
يجد عدد كبير من الشبان في التطبيق ضالتهم للتعرف على فتيات بهدف الزواج، فقد أكد المهندس المدني في شركة هندسية بميونخ مهران السيد: “استخدمت التطبيق للتعارف بغية الزواج، بحيث أعمل 10 ساعات يومياً، وليس لدي وقت للبحث عن الفتاة المناسبة، وما لفت انتباهي أنه يوجد فتيات كثيرات يردن الاستقرار والزواج، حيث تواصلت مؤخراً مع فتاة، وتقدمت لخطبتها وسيكون الزواج قريباً، أعتقد أن البرنامج مناسب للشباب الراغبين بالاستقرار”.
افساد للمراهقين!
الوالد سومر خليل كان له رأي آخر، فبالنسبة له (TikTok) وسيلة للإفساد لا غير! إذ يسبب التطبيق ادمان شديد لدى المراهقين ويعد مضيعة للوقت بالإضافة لآثاره النفسية والسلوكية السلبية. بحيث يجلس الشباب ساعات طويلة يتصفحون ويبحثون عن مقاطع جنسية، ويضيف: “لدي ابن يبلغ 16 ربيعاً يقضي جل وقته متصفحاً البرنامج. فبسببه أهمل ولدي واجباته المدرسية وتراجع مستواه الدراسي، حاولت منعه مراراً وتكراراً تارة بالترغيب وتارة بالترهيب، ولكني لم أستطع ردعه عن ذلك”!
سلاح ذو حدين
أما خريج المعهد السوري التقني للنفط والغاز أحمد الحميد فيرى البرنامج مغنماً ومغرماً في آن واحد! إلا أن غالبية الشباب للأسف يستخدموه بطريقة سلبية، فيلهيهم عن الأمور الحياتية الهامة ويضع لهم القيود. بحيث يأخذ منهم جزء كبير من وقتهم وهذا أمر خطير للغاية”.
ويتابع: “لا نجد الوضع مشابه في البلدان المتقدمة! فبينما تجدهم بالأماكن العامة يقرأون الكتب والصحف ويستخدمون الحاسوب أو الجوال في العمل, تجد في المقابل شبابنا يبحث عن التسلية ومضيعة الوقت نافيك عن تقليد أعمى لأمور لا تناسب مجتمعنا وعاداتنا وتقاليدنا”.
توظيف الخوارزميات
أوضح خبير البرمجيات سنان حبيب أن المنتجين يسعون جاهدين لأن يحظى البرنامج بأكبر قدر من التميّز والسطوة: “يعتمد المبرمجون على تقديم تسهيلات لكسب المال بتنزيل تطبيق تيك توك لجعل شركات الإعلانات الكبيرة تروج بضاعتها. بحيث يعتمد تصميم البرنامج على ثلاثة أمور، أولاً تحليل دقيق للسوق مع دعم فني قوي. وثانياً المرونة باستخدام تصميمات جديدة وعدم استخدام قوالب جاهزة. وثالثاً استخدام لغات برمجة حديثة وبناء قاعدة بيانات قوية وآمنة لضمان نجاح التطبيق. ويلعب عاملا السرعة والخيارات دوراً كبيراً في تميزه”.
ويضيف حبيب: “السرعة تمكن المرسل من إيصال الخدمة فورًا باستخدام مخدمات عالية الأداء، أما الخيارات فتوفر للمتلقي إمكانيات التواصل المختلفة من خدمات الفيديو المباشر ونظام المشاركة.. إلخ، كما أن عيوب البرنامج قليلة ويمتاز بأنه سهل التنزيل، فيمكن تحميله على كل أنواع الأجهزة. وخدماته شاملة فهو يقدم دعم فني على مدار الساعة”.
ونوّه حبيب: “من خلال علم الخوارزميات يستطيع المبرمج التعرف على المتلقي ورغباته. حيث تُظهر له مقاطع واعلانات تناسب ميوله ورغباته، وفي النهاية يمكن للبرنامج أن يستحوذ على عقول شريحة كبيرة من المتابعين”.
- إعداد وتقرير: عدنان كدم
adnankadm15@gmail.com