Foto: Deutsche Presse-Agentur GmbH/dpa
فبراير 22, 2023

الذكرى الـ 80 لإعدام صوفي وهانز شول أيقونتا مقاومة النازية في ألمانيا

:”قريباً ستقف أنت في المكان الذي نقف فيه نحن الآن” بهذه الكلمات واجهت صوفي ماجدولينا شول
 القاضي الألماني رولاند فرايزلر الذي حكم عليها وعلى أخيها هانز شول، وعضو المجموعة كريستوف بروبست بالإعدام بالمقصلة. بعد اتهامها بارتكاب أعمال تخريبية، ونشر الأفكار الانهزامية، في حين كان الجيش الألماني (النازي) يقاتل على الجبهة الشرقية. ونُفذ حكم الإعدام بحق صوفي وأخيها اللذين باتا أيقونتين لمقاومة النازية، في مثل هذا اليوم قبل 80 عاماً، في 22 شباط/ فبراير عام 1943. 

تطوير وعي تاريخي نقدي

يوجد اليوم العديد من الأفلام والكتب والمشاريع على وسائل التواصل الاجتماعي حول صوفي شول. حتى يمكن رؤيتها جنباً إلى جنب مع آن فرانك في متحف مدام توسو لتماثيل الشمع في برلين.
لكن صوفي لم تكن مقاتلة ومقاومة منذ البداية، بل طوّرت قناعاتها تدريجياً. لكن ما عايشته خلال حياتها القصيرة، وما حدث معها جعلها “ذات مصداقية وشخصية مناسبة لتكون نموذجاً يُحتذى به”، بحسب ما وصفها موقع دويتشلاند فونك كولتور. ونقل الموقع عن جوزيف شوستر رئيس المجلس المركزي لليهود قوله “إذا كانت سيرتك الذاتية ستساعد الشباب اليوم على فهم التاريخ بشكل أفضل، فلا بد من إزالتها من دائرة التقديس فقط، وجعلها ملموسة وإنسانية”.
المؤرخ ديرك ريدل من مركز توثيق ميونخ لتاريخ الاشتراكية القومية -المسؤول عن المشاريع التعليمية- يتبنى وجهة نظر مماثلة. وأكد لدويتشلاند فونك كولتور أن “الأمر لا يتعلق باختراع أي صور بطولية، تجعل الشباب يشعرون بأنهم صغيرون أمامها للغاية”. وأوضح “لا ينبغي إغراقهم بالشخصيات البطولية، ولكن يجب إعطاؤهم الأدوات التي تمكنهم من اتخاذ قراراتهم بأنفسهم”. وبعبارة أخرى “تطوير الوعي التاريخي النقدي”.

شباب هتلر أولاً ثم مقاومة للنازية

مثل أشقائها هانز وإنجي، كانت صوفي شول ناشطة فقط في مجموعة (شباب هتلر-Hitlerjugend) في تحد لوالديها، اللذين انتقدا الأيديولوجية البنية. كانت صوفي فتاة شابة متحمسة في سن الثالثة عشرة، وذهبت في جولات بالدراجة، ورحلات استكشافية، وجلست حول نار المخيم مع الآخرين، وارتقت إلى رتبة قائدة فرقة داحل منظمة الشباب التابعة للحزب النازي.
لكن بسبب المناقشات والكتب، نمت لديها شكوك بشأن النظام النازي، مما أثّر على حماستها للحرب. كتبت صوفي إلى صديقتها فريتز هارتناجيل في 9 نيسان/ أبريل 1940 “أحياناً أخشى احتمال الحرب، وأفقد الأمل”. “أنا لا أريد حتى التفكير في الأمر، ولكن سرعان ما لن يكون هناك شيء سوى السياسة، وعندما تكون مشوشة وشريرة، من الجبن الابتعاد عنها”.
تقول إيديث كولر من مؤسسة وايت روز : “من المثير للاهتمام أنهم كانوا شباباً نشأوا في هذا النظام الاشتراكي القومي، وبالتلي فإن السؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي دفعهم إلى البدء في التفكير النقدي وأخيراً إلى قرار المقاومة”.

ماذا فعلت صوفي شول ورفاقها؟

ما بين عامي 1942 و1943، كتب أعضاء حركة الوردة البيضاء ونشروا ووزعوا 5 منشوات. وزاد نشاطهم بشكل ملحوظ، إذ طبعوا 9000 نسخة من منشورهم الخامس فقط، والذي حمل عنوان “نداء إلى الشعب الألماني”، حذرت فيه الحركة من أن هتلر يقود ألمانيا إلى الهاوية، وأُرسل المنشور عبر البريد إلى عناوين مختلقة، ولم يقتصر الأمر على ميونخ حيث كان يقيم أعضاء الحركة، بل وصلت منشوراتهم إلى شتوتغارت، وكولن، والنمسا، وهامبورغ وبرلين. وكتبوا عبارات “يسقط هتلر- حرية” على جدار جامعة ميونخ وكذلك على جدران مكتب رئاسة الوزراء في ولاية بافاريا.
وفي حين كان وزير الدعاية النازية جوزيف غوبلز، يخاطب الشعب الألماني. حاثاً له على تحمل ويلات الحرب، والكساد، والتضييق الأمني، أملاً في الاستقرار القادم. كانت صوفي وأخوها هانز يوزعان المنشور السادس في أروقة جامعة “لودفيغ ماكاسيميليان” في ميونخ. ليراها الطلبة عند خروجهم من المحاضرات. وبعد ذلك اكتشفت صوفي، أن في الحقيبة بعض المنشورات، فتبرعت بتوزيعها في الطابق العلوي، ونثرتها في الهواء. الأمر الذي لفت انتباه حارس الجامعة، الذي بدوره لاحق صوفي وأخيها وسلمّهم لقوات الجستابو. ليبدأ التحقيق معهما في 18 شباط/ فبراير 1943. وبعد أربعة أيام أُعدموا بالمقصلة. على الرغم من وجود قانون، يحق بموجبه للمتهم الانتظار 99 يوماً قبل أن يُنفّذ فيه الحكم. وآخر كلمات نطقها الأخوة شول “تحيا الحرية”.