بدأت قناة ZDF مؤخراً في عرض مسلسل جديد بعنوان “رهانات عالية”. تدور قصة المسلسل حول فتاة ألمانية تركية محجبة تكتشف إتقانها لعبة “البوكر” فتقرر الدخول في مراهنات عالية من أجل جمع المال لتحقيق حلمها في الانضمام إلى تدريب لمدة ستة أشهر في وكالة ناسا للفضاء. شخصية جديدة من غير المعتاد رؤيتها في الدراما الألمانية. فبطلة المسلسل فتاة رياضية ملتزمة دينياً وتحلم أن تصبح رائدة فضاء ، لكن في الوقت نفسه نراها تشارك في المراهنات ، مما أثار حفيظة البعض بعد نشر ZDF إعلان المسلسل الجديد المُثير للجدل.
هناك تناقض كبير بين شخصية الفتاة المحجبة التي تظهر وهي تصلي وتقوم بالعمل التطوعي وتمارس مختلف أنواع الرياضة الجري والسباحة ، لكن في نفس الوقت تُقرر ارتداء شعر مستعار (باروكا) حتى تشارك في لعب القمار في سهرات غير قانونية. كذلك تظهر في إحدى المشاهد وهي تُصلي ، لكن لم تؤدِ الصلاة بشكل صحيح ، كما لو أن فريق العمل لم يهتم بالتفاصيل الصحيحة لأداء الشخصية، فتظهر في الحلقة الرابعة وهي تنهي الصلاة وتُسلم من الشمال إلى اليمين. فما قصة مسلسل “رهانات عالية” الحاصل على حائزة من مهرجان ميونيخ ؟ وكيف يُرسخ لأفكار نمطية سلبية خلال تناوله لبعض الشخصيات المسلمة في الدراما الألمانية!
في الصباح مُسلمة مثالية وفي المساء لاعبة قمار
تعرفت آيلاه ( فيا جيكيلي ) طالبة الفيزياء الفلكية من مدينة ميونخ على فينست ( يانيك شومان ) من دائرة أصدقائها. حيث تلتقيه للمرة الأولى بحضور أخيها تولجا و صديقتها المقربة بريتا. يجتمع الأصدقاء للعب القمار فتتفاجأ آيلاه بما يفعلوه وترفض مشاركتهم اللعب مُعربة عن حُرمانية القمار. نراها تستعد لمغادرة المكان لكن تجذبها قواعد لعبة القمار فتبقى معهم كمشاهدة، ثم تبدأ في إعطاء نصائح لصديقتها بريتا. بالصدفة تعرف آيلاه أن والديها أقرضا أخاها 50 ألف يورو لبدء مشروع جديد بعد تخرجه.
تستمر الأحداث و تتوطد علاقة آيلاه بفينست ثم تكتشف أنه حبيب أخيها الذي يُخفي عن عائلته علاقته. يقرر فينست ترك أخيها ويهتم أكثر بتعليم آيلاه قواعد لعبة القمار للمحترفين ويصحبها للمرة الأولى للعب في نادي القمار الذي تُنظم فيه سهرات لعب غير شرعية. بعد نشر فينست صورة لهما على صفحته على إنستغرام في إحدى مسابقات القمر، يغضب أخوها بشدة، ويتشاجر معها “في الصبح تلعبي دور المسلمة الملتزمة وفي المساء تلعبين القمار”. بعد الشجار تترك آيلاه منزل عائلتها وتقرر الذهاب للإقامة في منزل فينست.
ترسيخ لأفكار نمطية.. تعليم الرجال أهم من النساء
تشعر آيلاه بالظلم من فرق المعاملة بينها وبين أخيها وتقرر مواجهة عائلتها للمرة الأولى. فأعربت عن استيائها لتلقي أخيها الدعم المادي دائماً من والديهما ، بينما تعاني هي من ديون تقترب من 19 ألف يورو حيث تحملت تكاليف دراستها في جامعة هايدلبيرغ بمفرها حتى تخرجها. فنرى المؤلف يُكرس لفكرة الأب المسلم – حتي وإن لم يكن يمارس الدين– الذي يُفضل الذكر على الأنثى. حيث يعارض الأب سفر ابنته إلى الولايات المتحدة الأمريكية من أجل التدريب في وكالة الفضاء ناسا. بينما نرى الأب يُعطي ابنه المال بسخاء من أجل بدء مشروعه بعد التخرج من الجامعة، حيث يطمح في تصميم “تطبيق للمواعدة”. يعرض المسلسل شخصية الأب الذكوري الذي يُفرق في المعاملة بين البنت والولد. كذلك الأب غير الداعم لابنته فهو غير مهتم بتحقيقها لأي تقدم علمي ، بل يحاول إحباطها قائلاً إن وكالة ناسا لا تنتظرها.
يعمل والد آيلاه في شركة تأمين بينما تعمل الأم كمساعدة طبيب في مشفى. ويعتبر الأبوان دراسة ابنتهما للفيزياء الفلكية بمثابة نهاية العالم. يحاول الأب اقناع ابنته بالعمل في نفس الشركة التي يعمل فيها ويسعى لتنظيم موعداً لمقابلة مع مالكة الشركة التركية، لكنها تتهرب من المقابلة وتفضل لعب القمار لجمع المال. أما والدتها فتخبرها أنه يستحيل أن تصبح رائدة فضاء وهي ترتدي الحجاب وأن ذلك مجرد أحلام طفولية. في حين أن أستاذتها في الجامعة تُشجعها وتخبرها أن أمامها فرصة يتمناها الكثيرون ويمكن أن تصبح أول رائدة فضاء محجبة.
شعر مُستعار
آيلاه أمامها ستة أسابيع فقط لجمع 22 ألف يورو قبل بدء برنامج التدريب في وكالة ناسا. تختار آيلاه اسماً مستعاراً (نينا) يتناسب مع شخصيتها الجديدة. فهي لاتزال ترتدي الحجاب في الصباح لكنها في المساء تذهب للعب القمار مرتدية باروكا سوداء استعارتها من صديقتها الألمانية بريتا. في المرة الأولى التي تذهب فيها للعب كانت ترتدي الحجاب، فاعتقد الرجال المشاركون في لعبة القمار أنها عاملة تنظف الحمامات في النادي الليلي، لذلك تقرر تغيير مظهرها.
كانت تفوز آيلاه دائماً في سهرات القمار التي نظمها حبيب أخيها السابق فينست. تتطور العلاقة بينهما بعد انتقالها للعيش معه وتقرر الزواج منه سراً. فتستخدم تطبيقاً للزواج الإسلامي على الانترنت بعد رفض شيخها أن يزوجها مُعللا ذلك بأنه ضد الزواج السريع لممارسة الجنس. تقرر آيلاه التوقف عن اللعب بعد أن جمعت ما يكفيها من المال للسفر إلى الولايات المتحدة ، لكن فينست يستمر في الضغط عليها للاستمرار في اللعب من أجل تسديد ديونه من المراهنات والتي تبلغ نصف مليون يورو.
