Sebastian Gollnow/dpa
نوفمبر 15, 2025

تصريحات رسمية: ما يُقال عن الترحيل “فقاعات سياسية” بلا أساس قانوني

منذ بداية الخريف أصبح موضوع ترحيل السوريين في واجهة النقاش السياسي بألمانيا. شكّلت ملامحه تصريحات حكومية متباينة، وتصاعد الجدل على شبكات التواصل الاجتماعي. وبات من الضروري العودة إلى ما قيل رسمياً خلال الأسابيع الماضية، وفهم السياق السياسي والقانوني الذي يتحرك فيه الملف.

تغيّر واضح في خطاب الحكومة الألمانية

تصاعد النقاش نتيجة تغيّر واضح في تصريحات أعضاء مهمين في الحكومة الألمانية. فالمستشارية، ممثلة بفريدريش ميرتس، تحدثت أكثر من مرة عن “انتهاء الحرب في سوريا” وعن ضرورة إعادة تقييم وضع الحماية الممنوح للاجئين السوريين. في المقابل كان خطاب وزارة الداخلية أكثر مباشرة، وأكد العمل على “إتاحة الترحيل” إلى سوريا، خاصة للمجرمين والأشخاص المصنَّفين كخطرين، وهو ما وصفته الوزارة بأنه جزء من اتفاق الائتلاف الحاكم. وفي التصريحات الرسمية تقول وزارة الداخلية إنها تسعى لإبرام اتفاق مع السلطات السورية لإعادة القبول، وإن الترحيل سيبدأ بالمجرمين عندما يصبح ممكناً قانونياً.

أما وزارة الخارجية فكانت أكثر تحفظاً، وبالأخص بعد زيارة الوزير يوهانس فاديفول إلى سوريا أواخر الشهر الماضي، إذ صرّح الوزير أثناء جولته في منطقة حرستا قرب دمشق بأن “هنا لا يمكن للإنسان أن يعيش حياة كريمة”. الأمر الذي رأى فيه البعض أن هناك خلافاً داخل أروقة الحكومة الألمانية حول ملف ترحيل السوريين. لكن الحكومة بدورها نفت وجود “خلاف جوهري”، وذلك خلال مؤتمر صحفي ضم المتحدثين باسم الحكومة ووزارة الخارجية ووزارة الداخلية عُقد بداية الشهر الحالي، وأكدت أن الجميع يعمل وفق هدف واحد لكن بزوايا مختلفة. وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية أن أي عودة قسرية لا يمكن تنفيذها قبل توفر شروط الحماية الفردية، كما ميّز بين “الترحيل القسري” من جهة و“العودة الطوعية” التي يجري دعمها مالياً من جهة أخرى.

مجرد تصريحات سياسية وفقاعات

عقد اتحاد المنظمات السورية في ألمانيا لقاء جمع أعضاء من مجلس إدارته في مكتب المستشارية مع مكتب مفوض الاندماج. وهو لقاء لم يتم بطلب من الحكومة الألمانية، وإنما “بناءً على طلب منا نحن كاتحاد منظمات سورية ألمانية، بسبب اهتمامنا بفتح حوار حول قضايا السوريين اليوم، خاصة في ظل التصريحات السياسية المتوترة وحملات الحديث عن الترحيل أو التعامل مع الإقامات، بما في ذلك ملفات من قدّموا لجوء قبل سقوط النظام وتم تعليق إقاماتهم ثم رفضها لاحقاً”، وفقاً لإيهاب بدوي، أحد أعضاء مجلس الإدارة وكان ضمن المجتمعين، خلال حديث مع “أمل نيوز”. وذلك بوجود ممثل من وزارة الداخلية وهو أحد صنّاع القرار في قانون اللجوء والإقامة، وله دور في تعديل القوانين في السنوات الماضية، وبحضور المحامية السورية الألمانية المعروفة نهلة عثمان.

وبحسب بدوي، فإن المعلومات الرسمية التي حصلوا عليها خلال اللقاء من الجانب الحكومي هي أن “معظم التصريحات المتداولة اليوم ليست سوى تصريحات إعلامية، وبعضها مجرد فقاعات بلا أي أساس قانوني يؤدي فعلاً إلى الترحيل أو سحب الإقامات”. وأكد إيهاب أن المسؤولين الألمان “طلبوا منا، كاتحاد يضم حوالي 35 منظمة سورية ألمانية، أن نطمئن السوريين ونوضح لهم أن ما يُنشر حول الترحيل والإجراءات القاسية ليس سوى دعاية انتخابية ومحاولات لاستقطاب الناخبين”.

ترحيب بالاقتراحات المقدمة

الوفد الذي تمت مقابلته أكد لأعضاء مجلس إدارة اتحاد الجمعيات السورية الألمانية أنه مكوّن من “إداريين لا يعتبرون أنفسهم سياسيين. فهم موظفون إداريون وتقنيون، مهمتهم تطبيق القوانين لا صناعة المواقف السياسية”، بحسب إيهاب. وبشأن الأشخاص الذين توقفت معالجة ملفاتهم أو حصلوا على رفض، رحّب الوفد بمقترح تقدمت به المحامية نهلة عثمان، ووجدها —بحسب بدوي— عامل قوة، كونها تعمل محامية ولديها معرفة بالقوانين الألمانية. مقترح عثمان بحسب إيهاب تمحور حول “منح بعض المرفوضين إقامة لثلاث أو ست سنوات، ثم تقييم وضعهم من جديد لقياس الاندماج والعمل، ثم اتخاذ قرار نهائي بإعطاء إقامة دائمة أو رفضها. هذا الطرح شرحته المحامية نهلة عثمان التي كانت معنا، وهي قدمت حججاً قانونية واضحة تدعم المقترح”.

السوشال ميديا والنفخ تحت الرماد

لعبت السوشال ميديا دوراً مركزياً في خلق موجة خوف واسعة بين السوريين. انتشرت منشورات غير موثقة تتحدث عن “قوائم ترحيل” و“مهل زمنية” و“أسماء تم سحب إقامتها”، في ظل غياب بيانات رسمية واضحة ترد بسرعة على هذه الادعاءات. لكن وفد اتحاد الجمعيات الألمانية السورية طرح الموضوع على الوفد الحكومي، وكان رده —بحسب إيهاب—: “إن ما يتم تداوله لا يستند لأي إجراء قانوني حقيقي. القانون الألماني واضح: نوع الإقامة، درجة الاندماج، نسبة الاعتماد على المساعدات، كلها شروط قانونية لها آليات محددة وليست قرارات مزاجية. المشكلة هي أن الناس لا تفهم التفاصيل البيروقراطية، فتنتشر الفوضى عبر الإنترنت وينشر كثيرون معلومات غير دقيقة. وطلبوا منا مرة أخرى تهدئة الناس ونشر التوضيحات القانونية”.

ماذا تقول لغة الأرقام

على مستوى الأرقام، لا توجد حتى الآن ترحيلات نظامية إلى سوريا. جميع المعلومات المتاحة تؤكد غياب رحلات ترحيل رسمية. بالمقابل تظهر بيانات حكومية أن هناك حالات “عودة طوعية” مدعومة من الحكومة، إضافة إلى حالات “خروج منسق” مثل عائلة كبيرة في بادن-فورتمبيرغ غادرت على شكل دفعات خلال الصيف والخريف. بينما تشير إحصاءات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من مليون سوري عادوا إلى بلدهم من دول أخرى منذ بداية العام، وهو رقم كبير تضغط به المفوضية لتوضيح محدودية قدرة سوريا على استقبال المزيد. وحذّر ممثّل UNHCR في سوريا، في مقال منشور على موقع تسايت، غونزالو فارغاس يوسا، صراحةً من أن الترحيل القسري من دول مثل ألمانيا سيزيد المخاطر الإنسانية.

Amal, Frankfurt!
Privacy Overview

This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.