لسنوات طويلة كان من الصعب على المسلمين في ألمانيا دفن موتاهم وفقًا للتقاليد الإسلامية. إلا أن قبور المسلمين تُوجد الآن في مقابر البلديات أو الكنائس في كل مدينة رئيسية. ويرجع ذلك إلى تزايد رغبة المسلمين في الدفن في المدن التي عاشوا فيها. وقد أُنشئت أول مقبرة إسلامية في هامبورغ قبل 75 عامًا، وهي الأقدم في ألمانيا بعد برلين. وتعد تكلفة المقابر باهظة جداً في ألمانيا، إذ يمكن أن يكلف دفن شخص واحد 5500 يورو. توجد أكثر من 300 إدارة مقابر لديها مقابر إسلامية في جميع أنحاء ألمانيا. وتسمح تلك المقابر بدفن المسلمين وفقاً للشريعة الإسلامية بدون نعش وفي اتجاه مكة.
مؤسسات دفن الموتى للمسلمين
تكلف إجراءات الدفن في ألمانيا مبالغ باهظة قد تحتاج للإدخار في حال التسجيل لمن هم ما يزالون على قيد الحياة. فتكلفة دفن شخص واحد تتراوح بين 5000 و 5500 يورو على حسب الولاية. في هامبورغ على سبيل المثال ، تبلغ تكلفة استئجار القبر وحدها 2850 يورو لمدة 25 عاماً. بعدها يجب أن تدفع نفس القيمة مجدداً لتجديد عقد الايجار أو يصبح القبر متاحاً للاستخدام مجدداً بعد تجريف المقبرة وإعادة إستخدمها. لكن أين تذهب باقي التكلفة ؟ فهناك أيضاً تكلفة دار الجنازات للمسلمين وتتراوح بين 1600-1800 يورو على حسب الولاية.
ففي هامبورغ على سبيل المثال تتولى مؤسسة دفن الموتى التابعة لمسجد النور بتكلفة قدرها 1700 يورو ، مسؤولية تسلم الجثمان وتجهيزه للدفن. يضاف إلى ذلك تكلفة الاحتفاظ بالجثمان في ثلاجة التبريد لحين الانتهاء من الإجراءات والتي تستغرق في العادة بعض الوقت ، خاصة إذا كانت هناك شكوك في سبب الوفاة فتتولى الشرطة الجنائية التحقيق. وتكلفة استئجار غرفة الغُسل. وما تزال قيمة الدفن في البلد الأصلي أرخص بكثير من ألمانيا.
ماذا يحدث في حال الرغبة بدفن الجثمان في البلد الأم!
ما تزال تكلفة الدفن في البلد الأصلي أرخص من تكلفة الدفن في ألمانيا. فقيمة استئجار القبر تقف كعائق مادي كبير قد تمنع الكثيرين ممن ليس لديهم القدرة المادية من الدفن في مدينة إقامتهم في ألمانيا. وفي هذه الحالة يمكن توكيل إحدى دور الجنازات بإرسال الجثمان إلى البلد الأم. فعلى سبيل المثال إرسال جثمان متوفٍ إلى مصر يحتاج تكلفة تذكرة الطيران العادية ويضاف إليها تكلفة صغيرة إضافية لصندوق حديدي مخصص لشحن الجثامين. وتبقى القيمة الثابتة التي يجب دفعها وهي تكلفة دار الجنازات واستئجار غرفة الغُسل وتكلفة الاحتفاظ بالجثمان في ثلاجة الموتى.
حرق الجثث في ألمانيا
إذا توفي الشخص وكان يعيش وحيداً ولم يكن هناك أقارب فما يحدث في الأغلب هو أن ينتهي الحال بحرق الجثمان حتى لو كان مسلماً، ثم يدفن. يفضل الكثير من الألمان حرق الجثث بسبب التكلفة الباهظة لتأجير القبور. ولتجنب ذلك يمكن التسجيل مسبقاً مع إحدى دور مؤسسات الدفن الإسلامية والدفع للمؤسسة لتولي إجراءات الدفن. بعمل توكيل رسمي للمؤسسة يعطيها الحق باستلام الجثمان ودفنه سواء داخل ألمانيا أو إرساله للبلد الأم.
فبعد التعاقد مع إحدى مؤسسات الدفن يحصل الشخص على نسخة من التعاقد ويطلب منه تعليقها في مكان ظاهر داخل المنزل مثل الثلاجة. وفي حالة الوفاة وحيداً تجدها خدمة الإسعاف التي بدورها تبلغ المؤسسة وتتولي كل شئ. ومن ضمن الأوراق المطلوبة لإتمام التعاقد أن تقدم نسخة أصلية من شهادة الميلاد ونسخة مترجمة. وفي حالة الزواج تقدم أيضاً نسخة أصلية من شهادة الزواج مع نسخة مترجمة بالألمانية.
متى تتحمل الدولة تكلفة الدفن ؟
إذا كان الشخص المتوفي مسجل على الجوب سنتر ويتلقي مساعدة اجتماعية حتى موعد وفاته ، فإن الجوب سنتر يتحمل تكاليف الدفن. ولكن بشرط أن تتقدم عائلة المتوفي بطلب رسمي وتقدم ما يثبت عدم قدرتهم المالية على تحمل تكاليف الجنازة. ويجب عليهم إثبات ذلك من خلال إلحاق إثبات الدخل والممتلكات مع طلب تغطية تكاليف الجنازة. يمكنكم الحصول على طلب التقديم في الرابط هنا
المقابر الإسلامية والدفن بدون تابوت
المقبرة التركية في حي نويكولن في برلين هي أقدم مقبرة إسلامية في ألمانيا وقد تأسست عام 1866. ودفن فيها أول سفير دائم للإمبراطورية العثمانية في Preußen علي عزيز أفندي. وفي السنوات التالية دُفن مبعوثون أتراك آخرون فيها ، مما دفع الإمبراطور فيلهلم الأول إلى تسليم الأرض للجالية التركية لاستخدامها بشكل دائم كموقع دفن. تأسست ثاني مقبرة إسلامية عام 1941 في Ohlsdorf في هامبورغ. وتعود المقبرة إلى التاجر الإيراني عباس علي برشاد حيث لم يكن من الممكن نقل جثمانه إلى إيران. واضطر أصدقاؤه في ذلك الوقت إلى دفع 15 ألف مارك ألماني مقابل 102 قبراً لإتمام مراسم الدفن وفقاً للشريعة الإسلامية. وفي عام 1994 وفقاً للإحصاءات الرسمية أصبح هناك 17 مدفنًا للمسلمين في المقابر البلدية في ألمانيا.
يقول نوربرت مولر من مجلس شورى هامبورغ “يجب فصل قبور المسلمين عن القبور الأخرى. ويجب أن تكون هناك منطقة مخصصة لدفن المسلمين فقط”. جميع القبور توجَّه نحو مكة المكرمة، ويدفن فيها دون تابوت. ويمكن غسل الميت غسلًا شرعيًا مسبقًا. وبالتالي، يمكن حمل الميت إلى قبره وفقًا للشريعة الإسلامية. لسنوات طويلة كان هناك جدل حول تعديل قانون الدفن والسماح للمسلمين بدفن موتاهم بالكفن وبدون شرط الدفن داخل تابوت. كانت هامبورغ أول ولاية توافق في عام 1998 على دفن المسلمين بالكفن بدون تابوت. وتلتها ولايات مختلفة على مدار السنوات المتعاقبة حتى عام 2021 عتندما وافقت ولاية بافاريا على السماح للمسلمين بالدفن وفقاً للشريعة الإسلامية. وما يزال شرط استخدام التابوت ساريًا في ولايتي ساكسونيا وساكسونيا أنهالت.