في أول مناقشة لمشروع الموازنة الاتحادية لعام 2025 أمام البوندستاغ، قدّم المستشار فريدريش ميرتس نفسه باعتباره قائد “خريف الإصلاحات”. خطابه حمل وعودًا بتغييرات عميقة في النظام الاجتماعي والاقتصادي، لكنه افتقر إلى تفاصيل ملموسة حول كيفية تنفيذها. وبينما شدد ميرتس على ضرورة الحفاظ على تماسك المجتمع عبر “إصلاحات جريئة”، اعتبرت أطراف معارضة أن خطابه لا يتجاوز “كلمات فارغة”، فيما وصف آخرون “خريف الإصلاحات” بأنه “خريف السياسات المجحفة بحق الفقراء”.
تهديدات داخلية وخارجية
حذّر ميرتس من أن الفصل التقليدي بين السياسة الداخلية والخارجية لم يعد قائمًا، مشيرًا إلى ثلاث جبهات تهدد ألمانيا: قوى سياسية تقوّض الديمقراطية، ضغوط على الاقتصاد بسبب الحماية التجارية وارتفاع أسعار الطاقة والبيروقراطية، وأخيرًا تهديد مباشر من روسيا. وقال إن الرئيس فلاديمير بوتين “يختبر الحدود” عبر التخريب والتجسس ومحاولات زعزعة الاستقرار، محذرًا من عواقب أي سلام تُفرض شروطه من موسكو في أوكرانيا.
كما أكد أن ألمانيا مقبلة على تغييرات جوهرية تمس مجالات العيش والعمل والاقتصاد والقيم. وأوضح أن الحفاظ على تماسك المجتمع يتطلب “إصلاحات جريئة” في نظام الرعاية الاجتماعية، مشددًا على أن من يستطيع العمل يجب أن يعمل، وأن النمو الاقتصادي هو الشرط الأساس لتمويل الخدمات. وأضاف أن “خريف الإصلاحات قد بدأ”، داعيًا المواطنين إلى الصبر ودعم الحكومة السوداء-الحمراء في “ماراثون الإصلاحات”، لكنه لم يقدم تفاصيل واضحة عن الخطوات المقبلة.
معارضة واسعة وانتقادات لاذعة
زعيمة حزب البديل أليس فايدل سخرت من حديث ميرتس عن “خريف الإصلاحات”، واعتبرته “خريف الكلمات الفارغة” الذي سيتحول إلى “شتاء نفقات أكبر”. واتهمت الحكومة بكسر وعود انتخابية، بينها ضبط الدَّين العام وإصلاح Bürgergeld، ووصفت الموازنة بأنها “لا تحل أي مشكلة”.
من جانبها، قالت زعيمة كتلة حزب الخضر كاتارينا دروجه إن التحالف الحاكم “يخفف العبء عن الأغنياء” بينما يطالب الأغلبية بالتقشف. أما رئيسة كتلة اليسار هايدي رايخينيك فوصفت الإصلاحات بأنها “خريف السياسات المجحفة بحق الفقراء”، معتبرة أنها تعكس “إجحافًا اجتماعيًا”، ودعت إلى فرض ضرائب أعلى على الأثرياء.
موقف شريك ميرتس في الحكومة
أما الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD)، شريك الاتحاد المسيحي في الحكومة، فاتخذ موقفًا أكثر حذرًا. وقال رئيس كتلته ماتياس ميرش إن النقاش حول فرض ضرائب أعلى على أصحاب الثروات خطوة إيجابية، مشددًا على أن الهدف يجب أن يكون تحسين الكفاءة والدقة في النظام الاجتماعي. وأضاف: “النظام الاجتماعي القائم على التضامن والمسؤولية المشتركة هو أساس التعايش وأساس الاقتصاد القوي – وسندافع عن استدامته”.