يبدو أن الحزب الديمقراطي الاجتماعي قد وجد في “الأعصاب القوية” الكفاءة الأساسية التي يتمحور حولها مرشحه أولاف شولتز. وعبر رسالة واضحة مفادها: شولتز قائد يواجه الأزمات برباطة جأش، يجمع بين الحسم وحل المشكلات والقدرة على ضبط النفس. أشاد قادة الحزب به، فوصفه Lars Klingbeil بأنه “يتمتع بأعصاب قوية”. فيما أثنى Hubertus Heil على “جرأته”، وأكد Stephan Weil أنه أثبت كفاءته في مواجهة التحديات. حتى الهجمات التي تعرض لها، مثل انتقادات البوندستاغ أو المواقف الجدلية مع كريستيان ليندنر، لم تهز صورته كقائد هادئ.
فأولاف شولتز، السياسي الألماني البارز ورئيس وزراء ألمانيا الحالي، هو أحد الشخصيات الرئيسية في الحزب الديمقراطي الاجتماعي (SPD) والمرشح الرئيسي للحزب للانتخابات الفيدرالية المقبلة. ومن خلال مقاربة جديدة لقضايا الهجرة والمواطنة الحساسة، يحاول تقديم صورة حديثة وتقدمية لألمانيا كدولة تقبل المهاجرين وتلتزم بالعدالة الاجتماعية. وتأكيداً على الدور الأساسي للمهاجرين في تقدم ألمانيا وازدهارها، يدعم شولتز الإصلاحات التاريخية لقوانين الجنسية وهو مصمم على جعل ألمانيا دولة أكثر انفتاحاً وشمولاً.
فهل سينجح؟
الجذور العائلية والطفولة
ولد أولاف شولتز في أوسنابروك عام 1958 ونشأ في هامبورغ ضمن أسرة عاملة. كان والده ووالدته يعملان في صناعة النسيج، بينما كان جده موظفاً في السكك الحديدية. ساهمت هذه البيئة في ترسيخ قيم العدالة الاجتماعية لديه. رغم ذلك، وصف طفولته مع شقيقيه في هامبورغ بأنها جميلة.
البدايات السياسية
أظهر شولتز اهتمامه بالسياسة منذ صغره كمتحدث باسم الطلاب في مدرسته الثانوية في هامبورغ. انضم إلى الحزب الديمقراطي الاشتراكي (SPD) في سن 17، متأثراً بشخصيات مثل هيلموت شميدت. بعد دراسة القانون، أصبح ناشطاً سياسياً، حيث شغل بين 1982 و1988 منصب نائب رئيس منظمة الشباب الاشتراكي الألماني والدوليالدخول في السياسة الوطنية وإنجازات شولتز.
بدأ مسيرته السياسية عام 1998 كممثل في البوندستاغ، ثم شغل منصب وزير داخلية هامبورغ (2001) وأمين عام الحزب الديمقراطي الاجتماعي (2002). وكوزير للعمل (2007-2009)، طبق الحد الأدنى للأجور ونظام العمل لوقت قصير. وفي 2011، انتخب عمدة هامبورغ ونفذ إصلاحات كرياض الأطفال المجانية. وفي 2017، أصبح نائب المستشار ووزير المالية، وركّز على الاستثمار والاستقرار المالي.
الانتخاب والبرامج الإصلاحية
في 8 ديسمبر 2021، تولى أولاف شولتز منصب المستشار الألماني، ووضع رؤية طموحة لعقد 2020. فركزت خططه على التعامل مع تغير المناخ، تحديث الاقتصاد الألماني وتعزيز التقنيات الحديثة. كما أكد على أهمية التضامن الأوروبي ودعم الديمقراطيات الليبرالية على مستوى العالم.
الهجرة وقانون الجنسية الجديد
يرى شولتز أن الهجرة كانت عنصراً حيوياً في نجاح ألمانيا الاقتصادي والاجتماعي. لذلك قدم إصلاحات بارزة على قانون الجنسية، تسمح للمهاجرين بالحصول على الجنسية بعد خمس سنوات، مع الحفاظ على جنسيتهم الأصلية. ومؤخراً، تحدث شولتس، في مقابلة مع مجلة “فوكوس” الإلكترونية، بالتفصيل عن الهجرة ومنح الجنسية، وأظهر وجهاً شخصياً وعاطفياً لنفسه. وأشار إلى الدور الرئيسي للهجرة في تنمية وازدهار ألمانيا ووجه رسالة مهمة للمهاجرين: “نريدكم”.
موقفه من السوريين
كما أكد شولتز أن السوريين المندمجين بشكل جيد في المجتمع الألماني سيستمرون في الإقامة بألمانيا، مشيراً إلى أن “أي شخص يعمل هنا وأصبح جزءاً من مجتمعنا سيظل موضع ترحيب”. وأضاف في رسالته الأسبوعية أن حوالي 5000 طبيب سوري يعملون في المستشفيات الألمانية، مشيداً بمساهمتهم.
وفي ردّه على دعوة زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرز إلى تشديد الضوابط الحدودية وترحيل غير المندمجين. يشدد شولتز على أهمية حماية سياسات الهجرة والمواطنة من التراجع في المستقبل. ويدعو إلى استثمار اللاجئين المهرة لتعزيز الاقتصاد الألماني، محذراً من التأثير السلبي لسياسات الأحزاب المحافظة على التقدم المحرز.
المقال مترجم بتصرّف من الفارسية لـ Nilab Langar