لم تكن نتائج المسح السابق لاختبارات مهارات القراءة PISA الدولية مرضية. بعد أن أظهرت وجود واحد فقط من كل خمسة طلاب في سن 15 عاماً في المدارس الألمانية قد وصل في مهارة القراءة إلى مستوى المدرسة الإبتدائية! وقد لمست هذا شخصياً لدى لقائي إحدى الأمهات في اجتماع أولياء أمور إحدى المدارس الابتدائية في برلين. عندما ناقشتُها في أسباب تراجع حب القراءة لدى طفلها، فقالت: “أحاول جاهدةً مساعدة ابني في الدراسة وفي ترغيبه بحب القراءة. ولكني أفشل في معظم الأحيان، فهو يفضّل اللجوء لعالم الالكترونيات والنت. ونحن الآن في هذه المدرسة لمناقشة الأمر مع المعلمين، علنا نصل لحل!”. تابعت بحزن: “أرى أن مهارة القراءة تتوقف بشدة على المنشأ الاجتماعي للطالب وسلوك أهله داخل البيت. وقد لاحظتُ أنها موجودة في مجتمعنا عند الفتيات بشكل أفضل وأكثر منها عند الفتيان”.
ما هي اختبارات PISA؟
تعد اختبارات
PISA التي تنظمها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD)، المقارنة الأكبر لأداء الطلاب على المستوى الدولي. وهي جزء من بحث دولي في مجال التعليم. يتم الإشراف على الدراسة من قبل إدارة التربية والتعليم التابعة لهذه المنظمة. التي تُعتبر المعيار الدولي الرئيس لقياس جودة الأنظمة التعليمية في البلدان المختلفة مذ بدأت تجربتها الأولى في عام 2000. والتي قامت على اختبار الطلاب من خلال قيامهم بحلّ واجبات معيارية في الرياضيات والقراءة والعلوم الطبيعية.
برنامج هام لفحص مدى جاهزية الطلاب لبناء مجتمعهم!
“بيسا” هي برنامج دولي لتقييم الطلبة، واختبارات يجريها الإحصائي الألماني أندريس شلايشر، رئيس إدارة التربية والتعليم في منظمة (OECD) مرة واحدة كل ثلاث سنوات. ضمن بحث دولي في مجال التعليم، لقياس قدرات الطلبة المقبلين على إنهاء مرحلة التعليم الإلزامي. وفحص مدى جاهزيتهم واستعدادهم للاندماج والمساهمة في بناء مجتمعاتهم ودولهم.
تعليم الوالدين.. العامل الأقوى للنجاح!
عن هذا الموضوع الهام، كان لا بد لي من التوجه لأهل الاختصاص. وسؤال السيدة إيفا ديغلر (معلمة اللغة الانجليزية) في مدرسة Campus Rütli. فيما إذا كانت تعتقد أن المعيار الدولي لقياس جودة أنظمة التعليم دقيق أم أن الوضع مختلف هنا في ألمانيا؟ فأجابت: “يتم انتقاد نتائج الاختبار بشكل متكرر. على سبيل المثال لأنه في بعض دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، يكون الأطفال أكثر اعتياداً على تنسيقات الاختبارات الموحدة. وفي بعض الأحيان يتم إعدادهم خصيصاً لاختبار PISA. ومن ناحية أخرى، تظهر دراسة برنامج التقييم الدولي للطلاب (PISA) أمراً واحداً بكل وضوح: وهو أن النظام المدرسي الألماني ضعيف بالمقارنة مع المستوى الدولي في خلق المساواة التعليمية. في ألمانيا، يعتمد مدى نجاح الأطفال في المدرسة والمؤهلات التي يحصلون عليها إلى حد كبير على الخلفية التعليمية لوالديهم. بالمناسبة، يعد تعليم الوالدين عاملاً أقوى في التنبؤ بالنجاح التعليمي من تاريخ هجرة الوالدين أو الأطفال”!
الاهتمام الجاد بالطلاب وسهولة التواصل!
لدى سؤالها عن الوسائل التي تزيد من رغبة الطلاب في التعلم واستمتاعهم بالقراءة، أجابت السيدة ديغلر: “ربما يكون هذا هو السؤال الأساسي الذي يطرحه جميع المعلمين على أنفسهم.. ولكن من المحتمل أن يكون مزيجاً من الأشياء: سهولة التواصل، والاهتمام الجاد بالطلاب، والموضوعات التي تهم الشباب بالفعل، كالمواد التعليمية المتمايزة.. أعتقد أن القائمة طويلة”.
ماذا عن مستقبل التعليم في ألمانيا؟
وعن رؤيتها لمستقبل التعليم للطلبة الألمان، ختمت السيدة ديجلر بالقول: “بشكل عام، يوجد لطلاب الجامعات فرص جيدة في سوق العمل. لكني أعتقد أن المشكلة الأكبر هي في أن نظامنا المدرسي منيع للغاية. ونحن لسنا قادرين بعد بما فيه الكفاية على تقديم نفس الفرص التعليمية لجميع الأطفال. بغض النظر عن المكان الذي أتوا منه. إن الوضع في برلين: (تدابير التقشف، وضعف البنية التحتية في بعض الأحيان في المدارس والنقص الهائل في المعلمين).. يجعل الوضع أسوأ بالطبع”!
Amal, Frankfurt!