العنف الجنسي ضد الأطفال والشباب في الكنيسة الإنجيلية الألمانية أكبر مما كان مفترضًا في السابق! إذ قدم فريق بحث مستقل كلفته (EKD) دراسته مؤخرًا في هانوفر. والتي أحصت ما لا يقل عن 2225 متضرر، و1259 من الجناة المشتبه بهم. ومع ذلك، فإن هذا ليس سوى “قمة قمة جبل الجليد”!
الكنيسة الإنجيلية ودوامة الأرقام!
بحسب بيان فريق البحث، هناك اعتقاد بأن أعداد المتضررين والجناة أكبر، إذ لا يمكن الحصر جراء نقص المعلومات. ويعتقد فريق البحث أن التدقيق الموسع من شأنه أن يرفع عدد المتضررين إلى 9355 شخص، والجناة إلى نحو 3497 متهم! ولكن لا يعرف حتى الآن سوى عدد المتضررين الذين اتصلوا بالسلطات المسؤولة بالكنائس الإقليمية في السنوات الأخيرة. ووفقا للكنيسة الإنجيلية، كان هناك 858 حالة!
اعتذار الكنيسة غير كافٍ
وقالت رئيسة مجلس EKD الحالية، كيرستن فيرس، عند تقديم الدراسة: “كنا أيضًا مذنبين بإيذاء عدد لا يحصى من الأشخاص. ولا يمكنني إلا أن أعتذر من أعماق قلبي لأولئك الذين تعرضوا للأذى الشديد”. وأضافت فيرس أن طلب الاعتذار هذا لا يمكن أن يكون ذا مصداقية إلا “إذا تصرفنا بتصميم وبادرنا إلى المزيد من إجراءات التغيير. لقد أردنا هذه الدراسة، لقد بادرنا بها ونقبلها بتواضع”.
هل ترغب الكنيسة بالتعامل مع هذه المشاكل حقاً؟
في الماضي، كان هناك العديد من الانتقادات حول البطء بالتعامل مع مشاكل الكنيسة الإنجيلية. كما انتقد أستاذ القانون الدستوري في كولونيا ستيفان ريكسن سلوك EKD وDiakoni. ففي كثير من الأحيان لم يتم إنشاء ملفات تأديبية لأعمال العنف الجنسي. ريكسن، العضو في اللجنة المستقلة التابعة للحكومة الاتحادية للتحقيق في الاعتداء الجنسي على الأطفال قال: “من السخف تمامًا ألا تفحص ملفات الموظفين لأنه، من الناحية الواقعية، توجد مؤشرات على سوء السلوك في ملفاتهم (..) يجب على الكنائس الإقليمية ودياكوني أن تسأل نفسها ما إذا كانت تريد حقًا التعامل بشكل شامل مع الانتهاكات في الكنيسة الإنجيلية”.
على الدولة أن تتحمل المسؤولية
عند عرض الدراسة، المتضررون دعوا إلى المضي قدماً بمعالجة الحالات والهياكل، وذلك بمساعدة الدولة أيضًا. وقالت كاتارينا كراتشت، ممثلة المتضررين وعضو المجلس الاستشاري لجمعية الأبحاث: “نحتاج إلى أن تتحمل الدولة المسؤولية هنا”. فهناك حاجة إلى خبراء مستقلين وهيئات الشكاوى. وأكد كراتشت أن المعالجة هي الانضباط الأسمى. إذ تفتقر الكنائس الإقليمية إلى الكفاءة وربما أيضًا إلى الاهتمام بالكشف الفعلي عن القضايا. وأضافت كراتشت: “إذا لم تجرى مثل هذه التحقيقات، فلن نكتشف الجناة”. وقالت كراتشت: “رغم أن الدراسة جاءت متأخرة، إلا أنها مهمة بالنسبة للمتضررين لأنه تم تضمينهم بالتحقيق”. وقد اشتكت كراتشت من أن الكنيسة الإنجيلية كان بإمكانها التصرف منذ فترة طويلة. وبالتالي فإن الدراسة لا يمكن أن تكون إلا البداية.
المقارنة مع الكنيسة الكاثوليكية غير ممكنة
الكنيسة الإنجيلية الألمانية المعروفة اختصارًا بـ EKD، أطلقت دراستها هذه عام 2020. ولا يمكن مقارنة عدد الحالات الناجمة عن الدراسة الإنجيلية بشكل مباشر، مع نتائج دراسة مماثلة حول العنف الجنسي في الكنيسة الكاثوليكية نشرت عام 2018. فبعد تقييم ما يقرب من 40 ألف ملف شخصي من الفترة بين عامي 1945 و2014، اتهمت الكنيسة الكاثوليكية الألمانية 1670 كاهنا وشمامسة من رعيتها. وكان هناك حوالي 3677 طفلًا وشابًا كمتضررين! وقال منسق الدراسة الإنجيلية، مارتن وزلاويك، إنه لا يمكن إجراء مقارنات مع الكنيسة الكاثوليكية أو غيرها من المؤسسات.
ردود الفعل!
الوزيرة الاتحادية لشؤون الأسرة ليزا باوس، دعت الكنيسة الإنجيلية إلى التعامل بشكل منهجي مع الاعتداء الجنسي على المستوى المؤسسي. وأوضحت باوس (الخضر) أن نتائج الدراسة صادمة! وأضافت: “لقد استغلت ثقة المتضررين في مؤسسة الكنيسة الإنجيلية بشكل مقيت من قبل الجناة الأفراد”. من جانبه دعا وزير العدل الاتحادي ماركو بوشمان، الكنيسة الإنجيلية والكنيسة الكاثوليكية في ألمانيا، إلى العمل على توضيح حالات الانتهاكات وتقديم التعويضات والوقاية الأفضل. وأوضح السياسي المنتمي للحزب الديمقراطي الحر أن “التحقيق في الكنيسة مهم – لكنه ليس بديلاً عن الملاحقة القضائية للدولة حيثما يكون ذلك ممكناً”.