أنهى سولي الحفل كعادته بأغنية داليدا الشهيرة “حلوة يا بلدي”. الجمهور يرفع يديه ويردد بصوت مرتفع: “أملي دايما كان يا بلدي. إني أرجعلك يا بلدي وأفضل دايماً جنبك على طول”. كلمات الأغنية تُشعل الحنين إلى الوطن، فقد تركه البعض بإرادته، لكن كُثر أُجبروا على الرحيل.
ظاهرة DJ العربي
بدأت ظاهرة انتشار منسقي الأغاني العربية (DJ) – من النساء والرجال – خلال السنوات الأخيرة تزداد بشكل ملحوظ. برلين، لندن وأمستردام كان لهذه المدن النصيب الأكبر مع تركز العرب المهاجرين المقيمين فيها ممن ينتمون إلى فئة الشباب. التشوق لسماع الأغاني العربية الحديث منها والقديم، أغاني الثمانينيات وذكريات شرائط الكاسيت والفيديو كليبات لا تزال عالقة في الأذهان. كذلك أيضاً أغاني المهرجانات التي تُشعل الأفراح العربية، فلا يتوقف الحضور عن الرقص. سولي أحد منسقي الأغاني العربية الذي بدأ حديثاً في برلين، لكنه سرعان ما اكتسب جمهوراً ينتظر حفلاته.
السهرات العربية يتشوق لها الجمهور
يعتبر سولي أن سبباً مهماً لنجاح (DJ) الأغاني العربية خصوصاً في برلين، هو تعطش العرب المقيمين بأوروبا لسماع الأغاني العربية. إذ يراها سولي جزءاً من أصالة الشخصية العربية، لذلك فهو يُصر على تنسيق الأغاني العربية فقط دون مزجها بالموسيقي الإلكترو العربي. حرصه على اقتناء شرائط الكاسيت في صغره. وحبه للموسيقى جعله الشخص المسؤول عن إعداد قائمة الأغاني في سهراته مع أصدقائه. يقول سولي: “باخد الناس معايا في رحلة، أحيانًا أبداها بالأغاني المصرية ثم انتقل للأغاني من بلاد الشام أو العكس. أحرص في الجزء الأخير من حفلاتي على لعب أغاني الثمانينيات والتسعينيات لأنها تمس ذكريات الجمهور”. دخول الصحفي أحمد سليمان إلى مجال تنسيق الأغاني (DJ) الذي يعرفه الجميع فيه باسم شهرته سولي، بدأ بمحض الصدفة!
اسم الشهرة سولي
في صيف 2020 تمت دعوة أحمد سليمان لحضور حفل زفاف صديقة سورية مقيمة في برلين. لأسباب مفاجئة اعتذرت منسقة الأغاني المُتفق معها لإحياء الحفل، فقررت العروس أن تطلب منه تولي تلك المهمة. يقول سولي: “لم أتخيل يوماً أن أصبح DJ”. قام بتنزيل قائمة أغاني طويلة وبرنامج بدائي لمزج الأغاني. بعدها صار أصدقائه يطلبون منه تنسيق الأغاني خلال حفلاتهم الخاصة. ثم قرر شراء (ميكسر) منذ عام ونصف. اُتيحت له فرصة العرض أمام جمهور خلال حفل افتتاح مهرجان صوت الفلسطيني في برلين. كان الحضور حوالي 400 شخص، فكانت انطلاقته منذ ذلك الحين. خلال وقت قصير تعلم تقنيات البرامج الخاصة بتنسيق الأغاني والمزج بينها. اهتمامه بمعرفة نوع الجمهور والمرحلة العمرية، لاختيار قائمة أغاني مناسبة، مع الحرص على لعب أغاني نسوية.
الجمع بين الصحافة والموسيقى
أحمد سليمان صحفي مصري بمنتصف الثلاثينيات من العمر، انتقل للعمل في برلين عام 2017. هو أحد مسؤولي منصة السلطة الخامسة التي تنتجها قناة دويتشه فيليه العربية، ويعمل بالصحافة منذ أكثر من 15 عاماً. بالإضافة لذلك فهو يدرب صحفيين على كتابة السكريبت وصحافة الموبايل والصحافة الاستقصائية. أحدث المشروعات التدريبية التي يعمل فيها حديثاً، هي تدريب الأطفال والمراهقين السوريين من عمر 12-22 سنة على انتاج قصة فيديو لمدة دقيقة واحدة. يستطيعوا فيها التعبير عن أنفسهم وتعلم صناعة المحتوى بشكل هادف يعكس حياتهم، نظراً لانجذاب المراهقين للمحتوى المقدم على منصات تيك توك وانستغرام. المشروع تدعمه مؤسسة هولندية متخصصة، وقد بدأ العام الماضي بتنظيم ورشات عمل في تركيا وفرنسا، لكنه هذا العام مخصص للسوريين في الداخل السوري عبر ورشات أونلاين.
مساحة آمنة للجميع
بدء سولي مشروع سهرة مع صديقته التي أسسته نور نورالله في برلين منذ عام ونصف، حيث يتم استضافة منسقو أغاني يقدمون موسيقى إلكترو عربي من منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط. تستضيف منسقي الأغاني من المنطقة العربية أو من المقيمين في الشتات. يهدف المشروع لخلق مساحة أمنة للسيدات ومجتمع الميم داخل الحفلات. يتواجد فريق تطوعي خلال الحفلات مهمته مساعدة أي شخص إذا تعرض لمضايقات. وقد حصل فريق المتطوعين على تدريب أونلاين من قبل مؤسسة لندنية للتعامل في مواقف مثل التحرش أو التعدي على المساحة الشخصية للأفراد. قبل كل حفل يتم الإعلان عن تواجد الفريق وتوفير مساحة آمنة ليستمتع الحضور بالموسيقى. بدأت حفلات سهرة بجمهور من 150 شخص ليصل الآن إلى 800 شخص. هذا العام نظموا حفلتين في النايت كلوب الشهير SO36 وسط برلين.
مشاريع فنية قادمة
خلال هذا الصيف شارك سولي في افتتاحية حفل الرابر الفلسطيني الشهير بيج سام، وقد حضر الحفل حوالي 800 شخص. أكد سولي على أهمية معرفة نوع الجمهور والفـئة العمرية قبل الحفل لتحديد قائمة الأغاني المناسبة. جمهور بيج سام على سبيل المثال ينحصر في الفئة العمرية بين 18 و24 سنة، لذلك كانت قائمة الأغاني حديثة نسبياً! وأقيم الحفل في برلين من تنظيم شركة حفلات عربية مقرها باريس. كذلك قدم سولي العرض الختامي خلال حفل المغنية التونسية غالية بن علي، حيث أشعل حماس الجمهور للرقص المتواصل على أغاني متنوعة. وتم التبرع بعائد الحفل لضحايا الزلازل المروع في تركيا وسوريا فبراير الماضي. كان الحفل من تنظيم شركة (Obba) لتنظيم الحفلات العربية في برلين. يشارك سولي يوم 29 تشرين الأول/ أكتوبر القادم في حفل المغني الأردني عزيز مرقة، حيث سيقدم العرض الافتتاحي والختامي على مسرح (Metropol) في برلين. تم دعوته هذا العام إلى حفلات في هامبورغ وميونخ، وكذلك خارج ألمانيا في مدينة ميلانو الإيطالية.