Image by PublicDomainPictures from Pixabay
أغسطس 3, 2023

مخاطر تواجه أصحاب المشاريع من القادمين الجدد في ألمانيا!

يهيّمن شبح الإفلاس على بعض الشركات التي أسسها سوريات وسوريين من القادمين الجدد في ألمانيا! إذ أخذت المشاريع الخدمية حصة الأسد في العجز المالي، ويذكر أصحاب الشركات بأن هناك أسباب إدارية وتنظيمية لم تأخذ بعين الاعتبار. والنتيجة الدخول في مرحلة (Schufa) وخسارة رؤوس الأموال المستثمرة، فما هي التحديات التي شكلت حجرعثرة في وجه طموحات هؤلاء وهل يمكن تجاوزها؟

استثمار في الخدمات

يلجأ السوريون لاستثمارامكانياتهم المادية والمعنوية لدى استقرارهم في أية دولة يحطون رحالهم فيها. فينشؤون مشاريع صناعية أو خدمية لضمان حياتهم وأولادهم. فتكون الشركة المنشأة عبارة عن بوليصة تأمين لضمان مستقبل المستثمر وعائلته، فالعقلية السورية بشكل عام عقلية استثمارية تعشق الاستقلالية المادية والمعنوية. وهذا ما أوضحه مدير منطقة جنوب ألمانيا لشركة (HSS) معتصم علي باشا بالقول: “يكون النصيب الأعظم من الاستثمارات في قطاع الخدمات، كونها لا تحتاج إلى خبرة ومهارة في العمل ولا تتطلب مؤهلات علمية كما هو الحال في القطاع الصناعي، كما أن الإدارة والتخطيط سهلة نسبياً مقارنة بغيرها من القطاعات. فعلى سبيل المثال يمكن لأي شخص إنشاء شركة تنظيف بغض النظرعن خلفيته العلمية. كما أن العمال لا يحتاجون مؤهلات علمية ولغوية، فيمكن لعامل تنظيفات أن ينشئ شركة نظافة برأس مال صغير، ويجمع عددا ً من العمال ويحقق مستوى مادي ومعنوي لائق لحياته بدلاً من العمل كعامل تنظيفات بأجر محدود”.

الافتقار للتخطيط والدراسة

يرى علي باشا أن غالبية أصحاب المشاريع لا يضعون نصب أعينهم عوامل هامة كمتغيرات السوق وتقلب الأسعار! فمثلاً مقاول لفرع الأمازون (Subunternehmer) تعاقد مع شركة معينة بأجر (11,50) يورو للساعة الواحدة، وتمت المناقصة على ذلك وبعد ستة أشهر يصدر قرار من الحكومة الألمانية برفع الحد الأدنى للأجور بـ (13) يورو، فيضطر صاحب الفرع إلى دفع زيادة الأجور للعاملين من جيبه، كونه وقع العقد لمدة سنة مع شركة الأمازون! ولا يحق له أن يطالب بالزيادة من الشركة المتعاقدة ريثما تنتهي مدة العقد. وقد يدخل المقاول مرحلة الإفلاس لأنه يعجز عن دفع مستحقات العاملين.

ويتابع باشا: “أما السبب الثاني للإفلاس فهو هامش الربح، حيث أن أغلب المستثمرين لا يضعون دراسة حقيقية وجادة للمشروعات المعروضة، فيقبلون بأي أسعار تضعها الشركات المتعاقدة أثناء المناقصات، ليحصلوا على أكبر قدر من العقود بغض النظرعن الأرباح المحققة، فلا تتم دراسة المشروع دراسة عميقة كدراسة الجدوى الربحية وانعكاسات السوق ومتغيراته على المشروع (..) يظن مديرو المشروعات أن استحواذهم على عقود كثيرة يحقق لهم هامشاً كبيراً من الأرباح، حيث يركزون فقط على الزيادة الكمية للمشاريع، ويتجاهلون العوامل والمستجدات الطارئة التي قد تحدق بها! فيلجؤون إلى المضاربة والحصول على المشاريع بأبخس الأسعار، لكن سرعان ما يظهر العجز المالي على المدى البعيد”.

تجاهل المنعكسات السلبية

عدم حساب النتائج والعقبات المستقبلية هي أكبر عامل يعرض الشركة للإفلاس! هذا ما أشار إليه علي باشا بالقول: “يعتقد المستثمر أن بداية عمل المشروع هي ديمومة لأرباحه. ليبدأ حياته الاستثمارية بصرف العوائد المالية التي يجنيها من مشروعه دون أن يدّخر قسماً منها. ليصدم لاحقاً بمعوقات كبيرة ما أنزل الله بها من سلطان! فعلى سبيل المثال يتفاجأ المستثمر بفاتورة مرسلة من مكتب مصلحة الضرائب (Finanzamt) لدفع الضرائب المترتبة عليه للسنتين المنصرمتين، فالمكتب المذكور يترك فسحة زمنية معينة لحساب واردات المشروع وما يترتب عليه من ضرائب وليس كما يظن المسثمر أن السنتين السالفتين معفاة نهائياً من الرسوم والضرائب، والمبالغ المفروضة عليه تغدو خيالية فيعجزعن دفعها ويصل إلى الإفلاس”.

الجهل بالقوانين والأنظمة

يعتبر الباشا أن جهل المستثمرين بالقوانين واللوائح والأنظمة السارية هي أكثرما يقض مضاجعهم. فعند تأسيس ما تسمى شركة ذات مسؤولية محدودة (GmbH) لا يخطر ببال صاحبها عند تجاوز شركته (100) عامل. أن القانون يلزمه بتوظيف خمسة أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة. ويتوجب عليه أن يدفع لهم كافة مستحقاتهم كالرواتب والتأمين الصحي والتقاعدي ..إلخ! وهذا الأمر يعد عامل ضغط حقيقي على صاحب الشركة.

تحديات كبيرة

صاحب شركة غدق للنظافة بمدينة هامبورغ أنس أبو حديد أكد أن الإجازات المرضية المقدمة للعمال هي أكبر تحدي يواجه مديرو شركات النظافة. حيث يضطر صاحب العمل أن يدفع للعامل المريض أجره خلال فترة مرضه، كما يدفع راتب للعامل البديل. وأيضًا قد تحدث تغيرات مفاجئة لا تنص عليها اللوائح والبنود وليست في حسبان المقاول! فمثلاً ينص عقد نظافة ما بمشفى معين على تنظيف أقسام محددة، لتحصل فيما بعد تغيرات طارئة! فيطلب المتعاقد من صاحب الشركة رفع ساعات التنظيف من (600) إلى (900) ساعة شهرية، فلا يستطيع الأخير أن يطلب من عماله العمل ساعات اضافية بحكم مسؤولياتهم، فيضطر إلى جلب عمال اضافيين بأسعار مغرية كي يغطي ساعات العمل، بحيث يدفع الأجور الإضافية على نفقته الخاصة، ومع مرور الوقت يتفاجأ صاحب العمل أن المشروع غير مجدي مالياً”.

تكاليف إضافية

المقاول في شركة (Hermes) للخدمات البريدية بمدينة كولن، ساهر عبد الملك، بيّن قائلاً: “أكبرخطأ يرتكبه المقاول هو اغفاله حساب التكاليف الإضافية التي تطرأ على مشروعه، فيرضى بأي سعر تضعه الشركة المتعاقدة دون وضع دراسة حقيقية للظروف السلبية المستقبلية الطارئة! ما يعد الأمر خطأ كبير يوقع المقاول بهاوية الإفلاس، فمثلا ًعند توقيع عقد مع شركة خدمات بريدية معينة، يحسب المقاول ثلاثة أمورفقط هي أجور العاملين وتأمينهم الصحي والتقاعدي.. توفير مركبات النقل ووقودها.. مستلزمات العمل من لباس وأدوات، لكن بعد فترة يتفاجأ المقاول بوجود نفقات أخرى.. كتوقف احدى المركبات عن العمل نتيجة حادث مروري، مما يضطره إلى دفع مبالغ اضافية.. كنفقات العلاج للعامل المصاب واصلاح المركبة المتضررة، وهذه المبالغ تستنفذ جزءا ً كبيرا ً من أرباحه المتوقعة”.

  • إعداد وتقرير: عدنان كدم
    adnankadm15@gmail.com