Foto: Hasan Mrad/IMAGESLIVE via ZUMA Press Wire/dp
يوليو 6, 2023

رؤية أكاديمية حول “إصلاح نظام اللجوء الأوروبي المشترك” وتبعاته!

استضافت جامعة أوسنابروك أول أمس، فعالية لمناقشة ما يعرف بإصلاح نظام اللجوء الأوروبي المشترك (GEAS) وتبعاته ورأي الباحثين المتخصصين حول كل ذلك. أدار الجلسة الباحث بجامعة أوسنابروك سيمون سبيرلنج.

إصلاح نظام اللجوء الأوروبي المشترك

توصل وزراء داخلية دول الاتحاد الأوروبي في 8 يونيو/ حزيران الماضي لاتفاق حول مراجعة سياسات استقبال اللاجئين فيما يعرف بـ “إصلاح نظام اللجوء الأوروبي المشترك”. وسيقوم مجلس الاتحاد الأوروبي بالتفاوض بشأن “الإصلاحات” مع البرلمان الأوروبي بهدف تفعيلها قبل الانتخابات الأوروبية المرتقبة في حزيران/ يونيو ٢٠٢٤. تحدد لائحة إجراءات اللجوء (APR)، ضمن الاتفاق، إجراءات موحدة تلتزم بها دول الاتحاد الأوروبي إزاء طالبي اللجوء على الحدود الأوروبية. تنص اللائحة على التقييم السريع لطلبات اللجوء على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي.

إجراءات الحدود

يتم تطبيق الإجراء الحدودي عندما يقوم طالب اللجوء بتقديم الطلب عند نقطة عبور حدودية خارجية، أو بعد توقيفه بسبب عبور حدودي بشكل غير قانوني، أو وبعد الإنزال بعد عمليات البحث والإنقاذ.  ويعد الإجراء الحدودي إلزامي للدول الأعضاء بالاتحاد إذا كان طالب اللجوء يمثل خطرًا على الأمن القومي أو النظام العام، أو قام بتضليل السلطات بمعلومات كاذبة أو حجب معلومات، أو كان يحمل جنسية لدولة بمعدل اعتراف أقل من ٢٠٪ (أي أن أقل من ٢٠٪ من طالبي اللجوء من هذه الدولة قبلت طالباتهم وهو ما يعني استثناء كل من طالبي اللجوء من سوريا وأفغانستان من إجراءات الحدود، بالإضافة لطالبي اللجوء من أوكرانيا).

الحرمان من الوصول إلى المساعدة القانونية

من جانبه، انتقد بيرند كاسبارك، عالم الرياضيات والمتخصص في دراسات الهجرة بجامعة هومبولت، ما يعرف بإجراءات الحدود، حيث أن طالب اللجوء لن يستطيع في هذه الحالة التشاور مع المنظمات غير الحكومية والمحامين لتقديم المشورة، كما لن يتمكن من إثبات، حتى وإن استطاع تقديم طلب اللجوء الخاص به وشرح أسبابه لن يكون هناك ضمانات إجرائية. كما أكد على أنه يرى أن نسبة الـ ٢٠٪ مازالت مرتفعة حيث أن حقيقة أن فرد من بين كل خمسة أفراد حصل على حق اللجوء في الاتحاد الأوروبي يعني أنه مازال هناك اضطهاد اجتماعي ما في بلده.

تونس ليست بلدًا آمنًا

وفيما يتعلق بأحد تبعات إجراءات الحدود، وهي الترحيل لبلد ثالث آمن مر به طالب اللجوء، أكدت إنكين بارتيلس الباحثة بجامعة أوسنابروك والمتخصصة في تأثيرات إدارة الهجرة مع التركيز على تونس والمغرب، على أن تونس، على سبيل المثال، لا تعد بلدًا آمنًا بأي حال من الأحوال. فتونس تعاني عدم الاستقرار السياسي تحت الحكم الاستبدادي حيث عنف الشرطة وتقييد حرية الرأي المتزايد والصعوبات التي يواجهها المجتمع المدني والاعتقالات والمحاكمات السياسية. أما فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي فهناك اختلافات بين المدن الساحلية الكبيرة والمدن المهمشة والأكثر فقرًا بداخل تونس. أضف إلى ذلك الوضع الاقتصادي عامة الذي ازداد سوءًا جراء جائحة كوفيد ١٩. وتؤكد بارتيلس بأنه ونتيجة للخطاب العنصري في البلاد يتم تحميل المهاجرين الأفارقة عبر تونس المسؤولية عن هذه الأوضاع فيزداد عنف كل من الشركة وبعض المواطنين ضدهم بالإضافة لحرمانهم من الحصول على الخدمات الصحية وغيرها.

سجون على الحدود الأوروبية

حيث أن الإجراءات الحدودية تستلزم الإبقاء على طالبي اللجوء الخاضعين لهذه الإجراءات خارج الحدود وعدم السماح لهم بدخول الأراضي الأوروبية، فسيستلزم الأمر وضعهم في أماكن احتجاز على الحدود للمدة المطلوبة والتي يجب ألا تزيد لإجراءات اللجوء والعدة عن ستة أشهر. وهو ما سيؤدي إلى أنه “قريبًا جدًا سيكون هناك الكثير من السجون الكبيرة جدًا للاجئين على حدود أوروبا”وفقًا لبيرند كاسبر.

آلية تضامن مزعومة

تهدف لائحة الإجراءات الجديدة إلى تحقيق نوع من التوازن في النظام الحالي والتي يتحمل فيها عدد قليل من الدول الأعضاء المسؤولية عن غالبية طلبات اللجوء. وتقترح اللائحة الجديدة آلية تضامن أكثر بساطة ويمكن التنبؤ بها وتكون قابلة للتطبيق. حيث تجمع بين التضامن الإلزامي مع تمتع الدول الأعضاء ببعض المرونة فيما يتعلق باختيار المساهمات الفردية. تحدد اللائحة إعادة توزيع ٣٠ ألف شخص مع إلزام الدول التي لا ترغب في استقبال/ إبقاء طالبي اللجوء بدفع ٢٠ ألف يورو عن كل فرد. ويرى بيرند كاسبر أن هذه الآلية لا تأخذ في الاعتبار  الشق الذاتي لكل طالب لجوء وما مروا به خلال رحلاتهم إلى أوروبا.

منع انتهاك قواعد النظام أو إساءة استخدامها

تشتمل لائحة إدارة اللجوء والهجرة على تدابير تمنع طالبي اللجوء من “انتهاك” قواعد النظام ومنع ما يعرف بالحركات الثانوية (أي عندما ينتقل طالب اللجوء من البلد الذي وصل إليه أولًا إلى بلد آخر لطلب اللجوء في بلد آخر). وأضافت اللائحة التعديلات التالية بهذا الخصوص:

  • 1 – الدولة العضو التي دخلها طالب اللجوء أولًا مسؤولة عن طلبه لمدة عامين.
  • 2 – عندما تريد دلة عضو ترحيل طالب لجوء إلى الدولة التي دخلها أولا ويقوم طالب اللجوء بالاختباء، تنتقل المسؤولية إلى الدولة المختبئ بها بعد ثلاث سنوات.
  • 3 – إذا قامت دولة عضو برفض طلب لجوء ما ضمن إجراءات الحدود، تنتهي مسؤوليتها عن هذا الشخص بعد ١٥ شهر (حال تم تجديد طلب اللجوء).

ويرى بيرند كاسبر أنه هناك إشكالية في التعريفات بشكل عام في اللائحة وفي الاتفاق ككل، فلا يوجد تعريف للانتهاك ولا  للأزمة ولا لغيرها من المفاهيم. وبناء عليه، ونتيجة لحالة المرونة التي تتمتع بها الدول الأعضاء، لن تتوانى بعض الدول عن القوى بأنهم لديهم أزمة هجرة  وهكذا.

وأضاف بأن الاتفاق كلية لا يمثل نظام لجوء أوروبي “موحد” بأي حال. كما أكد أن تأثير اليمين أصبح واضحًا وبأن أوروبا فقط ترسل رسالة للعالم بأنها لا تريد مهاجرين وتتخلى عن المسؤولية. كما أضاف بأن الاتفاق قد يضفي الشرعية على سياسات بعض الدول الأعضاء والمتمثلة في احتجاز اللاجئين وممارسة العنف ضدهم.

  • إعداد وتقرير: أسماء يوسف