لطالما كان نقص العمالة تحدياً كبيراً يواجه الاقتصاد الألماني منذ سنوات طويلة. فبحسب دراسة صادرة عن معهد سوق العمل والبحوث المهنية IAB نهاية عام 2021، تحتاج ألمانيا سنوياً وحتى عام 2060 لحوالي 400 ألف عامل في كافة المجالات، لتتمكن من المحافظة على اقتصادها القوي، وضمان ازدهار مجتمعها مستقبلاً.
تبدو هذه الأرقام الكبيرة هي التي مهدت لقانون هجرة العمالة المتخصصة الذي صدر في آذار/ مارس 2020. والذي عُدل الأسبوع الفائت بعد موافقة البرلمان الألماني ليصبح «أحدث قانون للهجرة في العالم». على حد وصف وزيرة الداخلية نانسي فيزر. فما الذي يتضمنه قانون هجرة العمالة المتخصصة المعدل، وكيف يمكن للاجئين والمهاجرين الاستفادة منه؟
ما هي أسباب نقص العمالة في ألمانيا؟
يعزى النقص الكبير في العمالة إلى عدة أسباب، من بينها التحولات الديموغرافية مثل انخفاض معدلات الولادة وزيادة عدد المتقاعدين. هذا يعني أن عدد الأفراد الذين ينضمون إلى سوق العمل أقل من الذين يغادرونه. بالإضافة إلى ذلك، يلعب نقص العمال المهرة في بعض الصناعات الحيوية مثل الرعاية الصحية وتكنولوجيا المعلومات وغيرها دورًا كبيرًا في زيادة عدد الوظائف الشاغرة، والتي تفوق الآن 770 ألف وظيفة على مستوى البلاد وفقًا لإحصائيات وكالة التوظيف الفيدرالية IB. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر الهجرة المتزايدة من ألمانيا إلى الخارج واحدة من الأسباب الحديثة والمقلقة في السنوات الأخيرة، حيث بلغ عدد المغادرين حوالي 300 ألف شخص فقط عام 2020.
ما المقصود بالعمالة المتخصصة وما الهدف من قانونها؟
يشير قانون العمالة المتخصصة المعدل، وفقًا لوزارة العمل، إلى العمالة ذات المؤهلات الجامعية أو العمالة الماهرة التي تم تدريبها في برامج مهنية لا تقل مدتها عن سنتين. ويُشترط أن يتم الاعتراف مسبقًا بمؤهلاتهم الأجنبية من قبل الجهات المختصة في ألمانيا. كما يهدف القانون الجديد بشكل رئيسي إلى تيسير وتسريع عملية جذب العمالة المتخصصة من خارج الاتحاد الأوروبي. ويستهدف القانون أيضاً اللاجئين الذين لم يحصلوا بعد على تصريح إقامة أو الذين رفضت طلبات لجوئهم ويمتلكون تصريح إقامة مؤقت (دولدونغ).
ما الذي يحمله القانون للاجئين في ألمانيا؟
لا يركز القانون الجديد كما ذكرت سابقاً على الأشخاص في خارج الاتحاد الأوروبي وحسب. بل يمكن لأولئك الأشخاص الذين رفضت طلبات لجوئهم التقدم للحصول على إقامة كعمالة تخصصية عن طريق تغير وضعهم القانوني من طالبي لجوء إلى باحثين عن عمل أو تدريب مهني (أوسبيلدونغ)، وذلك في حالة لم يكن لديهم مؤهلات علمية تخولهم إيجاد عمل ضمن تخصصاتهم. كما أن القانون الجديد يسمح بتغير تلك الحالة القانونية فقط في حالة أن طلب لجوئهم قُدم قبل 29 آذار/ مارس 2023. وركزت الحكومة في القانون الجديد على موضوع لم شمل العائلة، إذ سيكون هناك تسهيلات كبيرة لكل من تم الاعتراف به كعمالة تخصصية للم شمله بعائلته القريبة بشكل رئيسي (الأم، الأب، الزوجة والأطفال). أو البعيدة (أم الزوجة أو الزوج) ضمن شروط معينة.
كيف تستطيعون القدوم إلى ألمانيا كعمالة تخصصية؟
ينص القانون الجديد على ثلاثة طرق للحصول على تأشيرة عمالة متخصصة في ألمانيا، وهي كما يلي: أولاً بالنسبة للأشخاص الذين أكملوا دراستهم الجامعية في الخارج وتم اعتمادها في ألمانيا، وحصلوا على عقد عمل ضمن اختصاصهم في إحدى الشركات الألمانية. يمكن لهؤلاء التقدم بسهولة للحصول على تأشيرة من السفارة الألمانية في بلدهم الحالي. ثانياً يسمح القانون أيضاً بمنح تأشيرة للأشخاص الذين يحملون شهادات جامعية معترف بها في بلدهم. ولكن غير معترف بها في ألمانيا، ويتمتعون بخبرة عمل لا تقل عن سنتين، وحصلوا على عقد عمل في ألمانيا. أما الطريقة الأخيرة فهي من خلال نظام النقاط أو بطاقة الفرصة.
ما المقصود ببطاقة الفرصة؟
بطاقة الفرصة موجهة خصيصاً للأشخاص الذين لا يمتلكون شهادات علمية رسمية. ولكن لديهم خبرات مهنية ويرغبون في الهجرة إلى ألمانيا. إذ يُمكن لهؤلاء تقديم طلب للحصول على تأشيرة، ويتم تقييم طلبهم وفقًا لعدة معايير وتشمل ما يلي: المؤهلات التعليمية والمهنية، ومستوى معرفتهم باللغة الألمانية، وخبرتهم المهنية، وعمرهم. بشكل عام، يحصل الأشخاص الأصغر سنًا على نقاط أكثر، مما يزيد من فرصهم بالحصول على التأشيرة. بالإضافة إلى ذلك، تُؤخذ العلاقات العائلية في الاعتبار، مثل وجود أقارب في ألمانيا.
كلما تمكن الشخص من إثبات توفره للمؤهلات المذكورة أعلاه، زادت فرصته في الحصول على تأشيرة بحث عن عمل لمدة عام كامل. شرط أن تكون مصاريفه الشخصية مضمونة، إما عن طريق كفالة شخص آخر يعمل في ألمانيا. أو عن طريق وجود رصيد بنكي في حساب ألماني مغلق، يكفي كمصروف للشخص أثناء بحثه عن عمل.