السوريون عانوا العديد من المشاكل خلال السنوات الأخيرة، بدايةً من الحرب في بلادهم، التي فرقتهم وهجرتهم من بلدهم الأصّلي، ليصلوا إلى أوروبا وينخرطوا بمشاكل جديدة وواقع جديد. فاللجوء إلى أوروبا وخصوصاً ألمانيا بالنسبة للبعض لم يكن الخلاص! بل كان فقاعة انفجرت بوجوههم وافسدت كل شيء! حيث لعبت الفروق الثقافيّة والمجتمعيّة دوراً سلّبياً. أدّت هذه الفروق لمشاكل عائلية كبيرة، تفاقمت وأصبحت غير محمولة عند الأزواج والزوجات، ما أدى للانفصال. ومن هنا بدأت دوامة معقدة ضحيتها الأطفال..
منصات عديدة تثير ضجيجاً وتخرج عن المألوف
الحديث عن ظاهرة الطلاق بين المهاجرين في ألمانيا ليس جديداً، بل تطور ليصبح حديث الموسم وخاصة على منصات التواصل الاجتماعي. فبعض الرجال المنفصلين عن زوجاتهم لم يستوعبوا فكرة الطلاق، وخاصة أنه جاء كقرار للمرأة. ومنهم من ارتكب جناية وقتل زوجته، وبعضهم من التجئ إلى التشهير بسمعة الزوجة المنفصلة عبر منصات التواصل، كمنصة تيك توك، وقام بعرض صورها وشهر بها باسم الثأر وتبرئة النفس. والبعض الآخر ألقى اللوم على الدولة والمجتمع الألماني، الذي يدعم المرأة ويدعم انفصال العائلات من وجهة نظرهم.
تشابك القضايا ببعضها واختلاط الأمور!
كما يوجد أيضاً صفحات على المنصات الاجتماعية، تحارب وتهاجم المطلقات كظاهرة وتفضحهن ّ باسم الدين وتطالب الرجال بعدم الزواج منهنّ، لأنهنّ وبحسب وصف القائمين على تلك الصفحات “مطلّقات غير شرعيّات”! ويدّعي هؤلاء أن المرأة تُطلّق نفسها بنفسها عند شيخ مسجد ما في ألمانيا، وذلك دون الرجوع إلى الزوج ورمي يمين الطلاق! فبعض النساء يكتفينَّ بورقة طلاق الشيخ وقرار المحكمة الألمانية، ليذهبن ويتزوجنَّ بشخصٍ آخر، لذلك يعتبرنَّ “مطلقات غير شرعيات” حسب وصف هؤلاء.
كما سمعنا أيضا الكثير من القصص عن النساء المهاجرات، اللواتي هجرنَّ ازواجهنَّ وتركنَّ أولادهنَّ بسبب رجل آخر أو ليعيشنّ بمفردهنّ وبحريتهنّ في ألمانيا. ومنهنّ من حرمنّ ازواجهنَّ من رؤية أطفاله وذلك من خلال تقديمهنَّ ادعاءات كاذبة بالمحكمة. وبعضهنَّ من يقول انهنَّ تعرضنَّ للعنف المنزلي من قبل أزواجهن، بالإضافة لتحقيرهنَّ وخيانتهنَّ مع امرأة أخرى.
كيف يجري الطلاق الشرعي في ألمانيا؟
إمام مسجد دار السلام في العاصمة الألمانية برلين محمد طه صبري، تحدث بخصوص الطلاق الشرعي الإسلامي في ألمانيا قائلاً: “يعتبر الطلاق بالمحكمة الألمانية طلاقاً شرعياً، حيث نأخذ بالأحكام الصادرة عن المحكمة هنا، وبعدها نعطي الوثيقة بناءً على هذا الحكم. وتبعاً لذلك، نعتبر الطلاق الذي وقع بين الطرفين طلاقاً شرعياً، لأن الطلاق في المحكمة مصّدق بتواقيع واعترف الأطراف المعنية، والكثير من الأشياء الأخرى، التي تؤكد أن الطلاق وقع سواء كان لفظاً أو توقيعاً أو إشارةً أو غير ذلك”.
وأضاف الإمام عن المشاكل التي يواجهها بقوله: “نواجه مشاكل بالزواج، الذي يكون دون تسجيل مسبق من المحكمة أو البلدية الألمانية. في هذه الحالة، عندما يقع النزاع أو الطلاق بين الطرفين، نجد الكثير من الصعوبات، كإبداء الرأي والفتوة وإصدار حكم، وهذا يكلف سواء الشيخ أو المسجد الكثير من الجهد وخصوصاً مع الزوج، الذي يرفض الطلاق أحياناً”.
الحل هو الطلاق!
وفي حديثه لموقع أمل فرانكفورت، قال علاء (لاجئ سوري مطلّق من زوجته): “وصلت إلى ألمانيا عام 2015 وقدمت طلب لم شمل لزوجتي. أتت بعد سنتين مع طفلتي وبدأت المشاكل. مشاكلنا كانت كثيرة ولكنها بنفس الوقت خلافات صغيرة. في سوريا كانت تنتهي بتدخل أطراف العائلة ولكن في ألمانيا كان الوضع مختلف. في أحد الأيام كنت في المنزل أجلس مع زوجتي بأمان الله، لتعطيني ورقة لاطلع عليها، وأفاجئ بطلب للانفصال عبر محامي، قامت منذ وقت بتوكيله. كان الموضوع لا يصدق بالنسبة لي. حاولت أقناعها لسحب طلب الانفصال، ولكنها كانت عنيدة ومتمسكة برأيها. طُلبت مني البحث عن شقة أخرى وترك بيتي، الذي أسسته بتعبي وعملي. كما أنها ادعت أقوال كاذبة للمحكمة، بأني عنيف وأشكل خطر عليها وعلى ابنتي، فقررت المحكمة منعي من الاقتراب من منزلي ورؤية ابنتي”!
حالة أخرى تنتهي بالطلاق
وعن قصة أُخرى، حكت لنا سعاد قصتها وهي امرأة مطلقة في ألمانيا، لتقول بأنها كانت تعيش واقع مأساوي في سوريا مع زوجها، حيث تعرضت للاضطهاد والضرب والخيانة الزوجية. عندما جاءت إلى ألمانيا عام 2015، رسمت بداية جديدة مع زوجها واطفالها الخمسة. ولكن الوضع لم يتغير، حيث قام زوجها بخيانتها مجدداً في ألمانيا وأراد الاستيلاء على معونتها الاجتماعية ونقود أطفالها، المقدم من الدولة الألمانية. لذلك حسمت الأمر ولجأت لأحد الموظفين الألمان في السوشيال (مركز الخدمة الاجتماعية)، ليساعدوها بتقديم طلب الانفصال.