انتهت أعمال مؤتمر ميونيخ للأمن، وكان التركيز واضحاً على الحرب العدوانية الروسية على أوكرانيا. وبحسب موقع تاغسشاو الإخباري، نتائج المؤتمر كانت محبطة.
فشل الاعتماد على الصين
فبعد أن كانت الآمال معلّقة، والتساؤلات مفتوحة عما إذا كان بإمكان الضيف الصيني كبير مسؤولي السياسة الخارجية وانغ يي، ببناء جسور مع موسكو، أو ممارسة نفوذه مباشرة على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إذ سافر في نهاية المؤتمر من ميونيخ إلى موسكو، إلا أن هذه الآمال وفقاً لموقع تاغسشاو الإخباري “تبددت”.!
ولم يُعبر وانغ يي في أي وقت من الأوقات عن انتقاده للحرب الروسية ضد أوكرانيا. وتتذكر أورسولا فون دير لاين أن “الصين اتخذت موقفاً واضحاً للغاية، من خلال الاتفاق على صداقة غير محدودة مع روسيا. وذلك قبل أيام قليلة من بدء الحرب. وهذا يعني أن الصين تقف في جانب واحد بشكل واضح”. ولقد حاولت رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي بنفسها لجعل الصين تقف إلى جانب الغرب في دعم أوكرانيا بوجه روسيا، وكان موضوع العقوبات المفروضة على صين إحدى الخطوات، لكن ذلك فشل أيضاً.
ليست حرب بوتين فقط
على عكس السنوات السابقة، كان تركيز مؤتمر ميونيخ للأمن هذه المرة أيضاً على منظور أوروبا الشرقية بسبب الحرب العدوانية الروسية ضد أوكرانيا. قالت رئيس وزراء أستونيا كايا كلاس إن الحرب أبعد ما تكون عن أن تكون حرب بوتين فقط. فالشعب الروسي يتحمل المسؤولية أيضاً. وقالت كلاس “هذه أحلام إمبريالية للروس”، مؤكدة أنها لم تكن تتحدث عن بوتين فقط. وأضافت كلاس “إنها الأمة، واتساءل ماذا عن الإمبراطورية التي يحتفلون بها!؟”. وطالبت كلاس الغرب بكسر “الحلقة”. أي إيقاف المسار الموسع لموسكو في دمج وقمع دول البلطيق المستمر منذ العهد السوفياتي إلى الحرب ضد اوكرانيا.
حتى في حال أن رأي كلاس حول الذنب الجماعي للروس هو رأيها لوحدها، فإن هناك اتفاق في المؤتمر الأمني على الموقف الأساسي تجاه الحرب والعواقب التي ستنتج عنها. وهذا ما لخصه الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في أوروبا، الإسباني جوزيب بوريل، في اليوم الأخير للمؤتمر، إذ قال ” هناك الكثير مما يجب القيام به، ويجب علينا زيادة وتسريع مساعدتنا العسكرية لأوكرانيا”.!
مزيد من الأسلحة وسرعة في التسليم
أجمع المؤتمرون في مؤتمر ميونخ للأمن الذي عُقد على مدار يومين في Bayerischer Hof، على المزيد من الأسلحة وتسريع لعمليات التسليم، ولم يكن هناك أي معارضة لهذا الهدف المعلن عنه. وبسبب الرؤى التي شاركها ممثلو الحكومة وأعضاء البرلمان وخبراء الأمن، بات ممثلو صناعة الأسلحة الحاضرين في المؤتمر، مطلوبين للمشاركة في النقاش. وعليهم زيادة انتاجهم، الأمر الذي وُصف بأنه ضروري وعاجل.
كما يتم إفراغ مستودعات الذخيرة في الغرب بشكل تدريجي، وفقاً لما قاله الأمين العام لحف الناتو ينس شتولتنبرغ الأسبوع الماضي. فهناك فجوة كبيرة بين الذخيرة التي تُستخدم على جبهات أوكرانيا، وبين الكميات القليلة بشكل كبير مما يُنتج في مصانع الأسلحة الأوروبية، بحسب شتولتنبرغ.
ولسد هذه الفجوة أعلنت رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي فون دير لاين عن ضروة المساعدة بذلك. وقالت “يمكننا استخدام نفس الآلية التي اتبعناها مع لقاحات كورونا”. فآنذاك قُدمت إعانات لشركات الأدوية لإنتاج الكميات المطلوبة من اللقاحات. وترى فون دير لاين أنه يمكن اتخاذ تدابير مشابهة لمساعدة شركات الأسلحة. وقالت ” يمكننا أيضاً الدفع حتى يتم توسيع خطوط الإنتاج، لزيادته وتسريع عمليات التسليم”.
سخط على التصريحات الأوكرانية
الإجراءات العملية لاقتراح فون دير لاين، ومساعدة شركات تصنيع الأسلحة من صندوق أوروبي تدعمه الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي غير واضحة المعالم، ولم تُصرّح العواصم الأوروبية بماذا تفكر بهذا الخصوص. لكن يجب بحسب موقع تاغسشاو الإخباري الأخذ بالاعتبار أن صناعة الأسلحة لا تواجه صعوبات مالية في الوقت الحالي. بل حققت العديد من شركات تصنيع الأسلحة أرباحاً عالية خلال العام الذي مرّ على الغزو الروسي لأوكرانيا. فعلى سبيل مثال، تمكنت شركة Rheinmetall المصنعة للأسلحة، من مضاعفة قيمتها السوقية في البورصا خلال عام واحد فقط.
في السياق ذاته، تسببت تصريحات أدلى بها أثنان من أعضاء الحكومة الأوكرانية بإثارة الغضب. إذ قال نائب رئيس الوزراء الأوكراني أولكسندر كوبراكوف ووزير الخارجية ديميترو كوليبا إنهما يفكران باستخدام الذخائر العنقودية والأسلحة الفسفورية الحارقة، وهما من أنواع الأسلحة المحظورة بموجب القانون الدولي، إذ يؤدي استخدامهما إلى حروق شديدة وتسمم. لكن رد فعل الأمين العام لحلف الناتو شتولتنبرغ على تصريحات السياسيين الأوكرانيين كان مقتضباً ومفاجئاً. إذ قال “الحلفاء لا يورّدون أسلحة من هذا النوع”.
كوليبا لم يستسلم، فأوكرانيا ليست طرفاً في اتفاقية حظر الذخائر العنقودية. وقال كوليبا لوكالة الأنباء الألمانية dpa “من الناحية القانونية، لا توجد عقبات أمام ذلك (يقصد استخدام الأسلحة العنقودية)” موضحاً أنه في حال حصلت أوكرانيا عليها “سيتم استخدامها ضد القوات المسلحة لروسيا الاتحادية فقط”. وأكد على أن لدى أوكرانيا أدلة على أن روسيا تستخدم ذخائر عنقودية.!