سمع حتى يومنا هذا للأسف، عن الكثير من المجتمعات التي مازالت تهمش وتقلل من دور المرأة. وقد واجهت أيضاً بعض النساء القادمات الجدد إلى ألمانيا العديد من الصعوبات والتحديات لإثبات أنفسهنّ وقدراتهنّ، وذلك بسبب اللغة وطبيعة البلاد المختلفة. لذلك جاء منتدى المرأة الدولي بمدينة فرانكفورت مؤخرًا، بإدارة وتنظيم جمعية التعليم والمبادرة والتعاون القيرغيزستانية، لدعم وتكريم المرأة في ألمانيا. والذي شارك فيه ممثلون عن ١٥ جمعية، وحضره أكثر من 100 مشارك، بالإضافة لمشاركة العديد من السياسيين.
اندماج الشعوب من خلال الفن والطعام
شاركت مجموعات نسائية من مختلف بلدان العالم بفقرات غنائية واستعراضية مميزة، كالعروض الصينية والهندية والبولندية والبوسنية، إضافةً لذلك قُدّمت فقرة غنائية فيروزية. وضم المنتدى أيضاً قسماً للطعام من مختلف الدول، حيث شاركت النساء بلمساتها الناعمة، أطباقها وحلوياتها الشهية والمتنوعة. ومن أبرز المطابخ التي وجدت في المنتدى، المطبخ البوسني والبولندي والسوري الدمشقي.
نساء من خلفيات مهاجرة والمشاركة السياسة
مديرة جمعية التعليم والمبادرة والتعاون، د. عسل زايران دامير، التي أسست ونظمت منتدى المرأة الدولي، قالت إن الهدف من تأسيس المنتدى وانعقاده مجددًا، هو جمع النساء من أصول مهاجرة، لتقديرهن وتكريمهن. وأضافت دامير: “يوجد الكثير من الظلم الواقع على النساء في هذا العالم، لذلك يجب أن يكُن ويبقين أقوياء. نحن أظهرنا تضامنا مع النساء من ضحايا الحرب، ومع اللواتي يتعرضن للعنف، كما حصل في إيران. أردنا أيضًا تحفيز النساء ليندمجن بالمجتمع، ولينخرطن بالمشاركة السياسية. وقمنا أيضًا بتكريم جميع النساء، اللاتي يُعلّن عائلاتهن وأصدقائهن مادياً في أوطانهن البعيد. النساء يعملن بجهد لمساعدة عوائلهن في الخارج. وأنا أحترم جميع نساء العالم واقدرهن، وأرجو من الله أن يباركهن. وهذا المنتدى سيُعقد مجددًا العام القادم”.
رحلة تحقيق الحلم
روزا الحاج، سيدة سورية متزوجة، جاءت إلى ألمانيا مع زوجها عام ٢٠١٤، اندمجت بالمجتمع الألماني من خلال تعلّمها اللغة الألمانية وانخراطها بالعديد من الجمعيات والمنظمات الألمانية. شاركت مطبخها السوري وخاصةً الدمشقي بمنتدى المرأة الدولي، حيث تنوعت أطباقها الشهية من الفطائر السورية الشهيرة، إلى طبق اليالنجي المزين بحبات الرمان. الحاج تحدّثت عن سبب خوضها تجربة الطبخ وافتتاحها مطبخاً خاصاً بها: “عندما أتيت إلى المانيا بلد الديمقراطية والإنسانية قررت البدء بمرحلة جديدة تشبه طموحي، أي أن أكون سفيرة للبيئة والثقافة. ولأني شغوفة بهذا المجال بدأت بمحاولة تأسيس مطبخ روزا العالمي. عملت من عام ٢٠١٧ إلى عام ٢٠١٩ مع منظمتين داعمتين للنساء في ولاية هيسن، مع وجود ورشات عمل تدريبية. عملت كثيرا كمتطوّعة بالمعارض وأماكن أخرى لتسويق فكرة مشروع مطبخ روزا”.
لا يأس مع الإصرار والعزيمة
وأضافت الحاج: “للأسف بعد كل هذا الجهد لم أحصل على الدعم من الجهات المعنية. الاستسلام كان آخر خياراتي، لذلك دافعت عن حلمي وعملت جاهدة لتحقيقه بمساندة داعمي في كل الأوقات، وهو زوجي العزيز. منذ عام ٢٠١٩ عملت كطبّاخة في مطعم مرموق، حيث تنوعت أطباقي الشرقية والغربية في هذه التجربة الغنية. وفي عام ٢٠٢٠ تطوّعت أيضا بجمعيات أخرى وتواصلت مع البلدية لتأسيس مشروعي، وهو مطبخ مرخّص ليكون ورشتي الخاصة. أخيراً وجدت المكان المناسب وحصلت على ترخيص لافتتاح المشروع. لكن الحمل أصبح ثقيلاً عليّ بسبب ضغوط العمل، وبعد أن عبرت برحلة علاج طويلة بعد مشاكل صحية، كان قراري أن أترك عملي بالمطعم وأركّز على مشروعي. ورغم انتشار جائحة كورونا وتبعاتها السلبية على مشروعي، استطعت النجاح بتسويق مطبخي السوري المتنوع”.
المائدة السورية تحظى باهتمام ألماني
وختمت الحاج عن سبب مشاركتها بمنتدى المرأة الدولي بالقول: “شاركت بهذه الفعالية لأن هذا الشيء يعني لي من القلب. أنا كامرأة أتيت من بلد حرب وواجهت الكثير من الصعوبات والتحديات، أفتخر أن أكون جزءاً من هذا اليوم الجميل لإيصال أطباقي السورية الدمشقية المتنوعة لكل متذوق. حيث لاقى المطبخ السوري إعجاب الكثير من الألمان والغربيين. أطباقي تستهدف كل متذوق ومحب للنكهات المميزة”.
Fotos: Souzan Nassri