ألمانيا على موعد مع حكومة جديدة وسياسة مناقضة تماماً لسياسة ميركل، على الرغم من أنها من ذات الحزب، وذلك مع اقتراب ذكرى مرور 10 سنوات على تصريح ميركل الشهير “سننجز ذلك Wir schaffen das” في المؤتمر الصحفي الاتحادي نهاية شهر آب/ أغسطس عام 2015، دفاعاً عن سياسة الأبواب المفتوحة التي انتهجتها، ونتج عنها وصول 441.899 في نفس العام وفقاً لإحصائيات المكتب الاتحادي للجوء والهجرة BAMF. وفي إطار تعريفنا لكم حول أعضاء الحكومة المُرتقبة، سنعرّفكم اليوم على سياسي من حزب CSU، سيتسلم حقيبة وزارة الداخلية في حكومة ميرتس المُرتقبة.
أليكسندر دوبريندت وزير الداخلية الجديد
أليكسندر دوبريندت هو سياسي ألماني ينتمي إلى الاتحاد الاجتماعي المسيحي في بافاريا (CSU). وُلد في 7 يونيو 1970 في مدينة بايسنبيرغ، بافاريا. حصل على شهادة الماجستير في السوسيولوجيا من جامعة لودفيغ ماكسيميليان في ميونيخ عام 1995. بدأ مسيرته السياسية في عام 1986، وشغل عدة مناصب، منها وزير النقل والبنية التحتية الرقمية في الحكومة الألمانية من 2013 إلى 2017، ورئيس مجموعة CSU البرلمانية في البوندستاغ منذ 2017.
مهندس سياسة الأبواب المُغلقة
يبدو أن دوبريندت سيؤجل إصدار أوامره لحظة توليه منصب وزارة الداخلية في الحكومة الجديدة المُرتقبة التي توعد بها، وذلك بعد أن فشل فريدريش ميرتس بالحصول على الأغلبية لتولي منصب المستشارية رغم نجاحه في الانتخابات. وكان دوبريندت CSU يخطط في اليوم التالي لتوليه منصبه لإصدار أوامر بتعزيز رفض دخول المهاجرين وزيادة التفتيش والفحص على الحدود الخارجية الألمانية. وقد قال في تصريح له لصحيفة بيلد أم زونتاغ “سيتم اتخاذ القرارات الأولى بعد تولي المنصب هذا الأربعاء. ستتم زيادة رقابة الحدود ورفع عدد حالات الرفض” وأضاف أنه لن يكون هناك إغلاق للحدود!
مواقف دوبريندت السابقة
وفي مواقف سابقة، دعا دوبريندت إلى فرض قوانين هجرة أكثر صرامة، منتقداً ما أسماه “صناعة مناهضة الترحيل” التي تروّج لها بعض المنظمات بحسب وصفه. هذه التصريحات أثارت استياء واسع بين أوساط المنظمات الحقوقية.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، ففي حزيران/ يونيو 2024 وعبر موقع تسايت أون لاين، دعا دوبريندت إلى إعادة اللاجئين الأوكرانيين الذين لا يعملون إلى “المناطق الآمنة في غرب أوكرانيا”، معتبراً المساعدات الاجتماعية عامل تشجيع على البقاء دون عمل. قوبل هذا التصريح حينها بانتقادات من الحزب الاشتراكي الديمقراطي شريكه في الائتلاف الحاكم المُرتقب. ووصف تصريحاته بـ”الشعبوية”!
>>>كما طالب دوبريندت في صحيفة فيلت، بوقف برامج الاستقبال الطوعي للاجئين، مثل برامج “إعادة التوطين”، معتبراً هذه البرامج تجعل ألمانيا “أكبر مغناطيس للهجرة غير الشرعية في أوروبا”!
ماذا قالوا في تعيين دوبريندت؟
أشارت صحيفة “دي فيلت” إلى أن تعيين دوبريندت يُرسل رسالة واضحة حول التوجه الأمني للحكومة الجديدة، حيث يُعتبر دوبريندت من الشخصيات البارزة في الجناح المحافظ داخل csu، ونقلت الصحيفة عن مصادر داخلية أن هذا التعيين يُعزز من موقف الحكومة في مواجهة التحديات الأمنية والهجرة.
من جهتها، تناولت صحيفة “دير شبيغل” التعيين من زاوية الانتقادات التي واجهها دوبريندت في السابق، خاصةً فيما يتعلق بتصريحاته حول ما أسماه “صناعة مناهضة الترحيل”، حيث اتهم منظمات المجتمع المدني والمحامين بمحاولة عرقلة عميلات الترحيل، مما أثار ردود فعل غاضبة من الأحزاب اليسارية والمنظمات الحقوقية.
في ذات السياق، وصف موقع “فرانكفورتر روندشاو”دوبريندت بأنه “رجل المواجهات”، في إشارة إلى تاريخه في استخدام خطاب حاد واستفزازي تجاه خصومه السياسيين، مما قد يُنذر بتصاعد التوترات داخل الحكومة الائتلافية القادمة.
بالنهاية يعد تعيين ألكسندر دوبريندت وزيرًا للداخلية تحولًا مهماً في السياسة الداخلية الألمانية. مع توقعات بتبني سياسات أكثر صرامة في مجالات الأمن والهجرة. بينما يرى البعض في هذا التعيين خطوة نحو تعزيز الأمن والاستقرار، يُعرب آخرون عن قلقهم من احتمال تقييد الحقوق والحريات. يبقى التحدي الأكبر أمام دوبريندت هو تحقيق توازن بين الحفاظ على الأمن وضمان احترام القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.