Canva
مارس 17, 2025

اليمنيون بين التصعيد الأمريكي والمخاطر على حياة المدنيين!

تصاعدت حدة التوتر في اليمن مع إعلان الولايات المتحدة شن أكثر من 70 ضربة جوية على مواقع تابعة لجماعة الحوثي في 15 مارس الجاري. في خطوة وصفها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنها “حاسمة ومميتة”. ومع استمرار الحوثيين باستهداف السفن التجارية في البحر الأحمر، يدخل اليمن مرحلة جديدة من الصراع العسكري، ما يثير مخاوف اليمنيين في الداخل والمهجر من تداعيات هذا التصعيد.

الحوثيون من انقلاب داخلي إلى تهديد دولي للملاحة

منذ سيطرتهم على صنعاء عام 2014، فرض الحوثيون هيمنتهم على أجزاء واسعة من اليمن. وسط اتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، من قمع المعارضين إلى تجنيد الأطفال وإعاقة وصول المساعدات الإنسانية. لكن خلال السنوات الأخيرة، تصاعدت أنشطتهم العسكرية خارج حدود اليمن، مع استهدافهم الممرات البحرية في البحر الأحمر، ما أدى إلى أزمة عالمية في قطاع النقل البحري. ورغم أن الحوثيين يبررون هذه الهجمات بأنها رد على الحرب في غزة ويستهدفون السفن المرتبطة بإسرائيل. إلا أن تقارير دولية أكدت أن الهجمات طالت ناقلات نفط وسفنًا تجارية من دول مختلفة، ما دفع العديد من شركات الشحن إلى تغيير مساراتها عبر رأس الرجاء الصالح، وهو ما تسبب بارتفاع تكاليف النقل وتداعيات اقتصادية أوسع. وفي مواجهة هذه التهديدات، أكدت وزارة الدفاع الأمريكية أن “أمن البحر الأحمر خط أحمر”، ما دفع واشنطن وحلفائها إلى شن سلسلة من الضربات الجوية بهدف تقويض القدرات العسكرية للحوثيين والحد من تهديدهم للملاحة الدولية.

ترامب يتوعد الحوثيين: “سنضع حدًا للإرهاب الحوثي”

في مؤتمر صحفي عقده في 15 مارس، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الضربات الجوية جاءت ردًا على التهديد المتزايد الذي يشكله الحوثيون على التجارة العالمية. وقال ترامب: “جنودنا ينفذون هجمات دقيقة ضد قواعد الإرهابيين وقادتهم ودفاعاتهم لحماية الملاحة الدولية. لقد حان الوقت لوضع حد للإرهاب الحوثي”. لكن بينما يرى البعض أن هذه الضربات ضرورية لوقف تهديد الحوثيين، يخشى آخرون أن تؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني في اليمن. يقول خالد، طالب يمني في برلين: “الحوثيون لا يمثلون اليمنيين. لقد جرّوا البلاد إلى صراعات دولية تهدد مصالح اليمن ومستقبل شعبه، ولا يمكن السماح لهم بتعطيل التجارة العالمية”.

المعارضون والمتحفظون: مخاوف من التصعيد العسكري

على الجانب الآخر، ترى سارة، ناشطة يمنية مقيمة في هامبورغ، أن الضربات الأمريكية قد تأتي بنتائج عكسية، قائلة: “القصف لن يحل المشكلة، بل سيؤدي إلى سقوط المزيد من الضحايا المدنيين، ويمنح الحوثيين فرصة لتبرير سياساتهم القمعية، تمامًا كما خدمتهم الحرب السعودية من قبل”. في السياق ذاته، يرى أحد المحللين السياسيين أن هذه الضربات ليست سوى “استعراض أمريكي للقوة ضد إيران”، مشيرًا إلى أن غياب أي تنسيق مع قوات يمنية على الأرض يعكس عدم وجود نية دولية حقيقية للقضاء على الحوثيين، وإلا “لكانت هناك تحركات عسكرية متزامنة مع هذه الضربات لإحداث تغيير حقيقي في خارطة السيطرة العسكرية”.

التداعيات الإنسانية: هل يتكرر سيناريو العزلة؟

رغم الانقسام حول جدوى الضربات الأمريكية، فإن القلق الأكبر لدى اليمنيين في ألمانيا يتعلق بتداعياتها الإنسانية. يقول أحمد، يمني مقيم في ميونيخ: “لديّ عائلة في صنعاء، وهم يعيشون في خوف دائم بسبب هذه الضربات. الوضع الاقتصادي يزداد سوءًا، والناس يعانون من نقص الغذاء والدواء”، ويضيف: “الأوضاع قد تصبح أكثر تعقيدًا بعد تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، حيث قد تتعطل حتى التحويلات المالية التي يعتمد عليها ملايين اليمنيين للبقاء على قيد الحياة”.

أما فاطمة، لاجئة يمنية في فرانكفورت، فتؤكد: “أكبر مخاوفي أن يستمر التصعيد ويحوّل اليمن إلى ساحة صراع مفتوحة. سنموت بصمت، ولن يلتفت العالم إلينا، لأن كل ما يهم القوى الكبرى هو تأمين الملاحة البحرية، وليس حياة اليمنيين”. وقد عزز هذه المخاوف تصريح وزير الدفاع الأمريكي الذي شدد على أن “الوضع الداخلي في اليمن ليس من مسؤولية الولايات المتحدة، وإنما هدفنا الأساسي هو ضمان مصالحنا وحماية الملاحة البحرية”.

اليمنيون في أوروبا: التمييز ومخاطر اللجوء

لا يقتصر تأثير التصعيد على الداخل اليمني فقط، بل يمتد إلى اليمنيين في أوروبا، حيث تزايدت المخاوف من أن يؤدي التصعيد الأمريكي إلى ربطهم بالحوثيين في نظر المجتمعات الغربية. يقول عبد الله، يمني يحمل الجنسية الألمانية: “معظم الألمان لا يفرقون بين الحوثيين واليمنيين العاديين. عندما يسمعون عن ضربات أمريكية ضد الحوثيين، يفترضون أن كل يمني مرتبط بهم، ما قد يؤدي إلى مزيد من التمييز ضدنا”. ويضيف: “هناك يمنيون متضررون فعليًا من الحوثيين يتم رفض طلبات لجوئهم، بينما يحصل متعاطفون مع الجماعة على حماية قانونية! وهذا يثير تساؤلات حول معايير اللجوء في أوروبا”.

الحكومة الشرعية: غياب يفاقم الأزمة

وسط هذا التصعيد، يبرز تساؤل كبير بين اليمنيين حول موقف الحكومة الشرعية، التي يبدو غيابها ملحوظًا عن المشهد. يشير سامي، وهو يمني يعمل في نقل البضائع في هامبورغ، إلى إحباط واسع بين اليمنيين: “ما نريده هو السلام. تعبنا من الحرب، سواء في الداخل أو في المهجر. لكننا لا نرى أي تحرك حقيقي من الحكومة اليمنية، وكأنها رهينة لدى التحالف أو مجرد عبء على السعودية”.

ويتساءل آخرون عن مصير المجلس الرئاسي اليمني، الذي يراه الكثيرون غير قادر على اتخاذ خطوات حاسمة، وسط اتهامات متزايدة بالفساد وانشغال المسؤولين بمصالحهم الخاصة. وبين الضربات الأمريكية وتصاعد تهديد الحوثيين، يظل اليمنيون في حالة ترقب لما ستؤول إليه الأوضاع. فهل ستؤدي هذه الضربات إلى إضعاف الحوثيين فعليًا، أم أنها مجرد استعراض للقوة في مواجهة إيران؟ وهل سيتحول هذا التصعيد إلى مواجهة أوسع؟

الأيام القادمة ستكون حاسمة، لكن ما هو مؤكد أن الشعب اليمني، كما هو الحال منذ سنوات، هو من سيدفع الثمن الأكبر لهذا الصراع المستمر..

Amal, Frankfurt!
Privacy Overview

This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.