Bild: Abdel Kareem Hana/AP/dpa
فبراير 8, 2025

ألمانيا بين رفض سياسة ترامب وصمتها تجاه انتهاكات إسرائيل!

أثار المقترح الذي طرحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة موجة واسعة من الرفض الدولي، كان من بينها الموقف الألماني الذي اعتبر التهجير “غير مقبول” و”انتهاكاً للقانون الدولي”. غير أن هذا الرفض، رغم أهميته، لا يعكس تحولاً جذرياً في السياسة الألمانية تجاه القضية الفلسطينية، بقدر ما يكشف عن استمرار ازدواجية المعايير التي تتبعها برلين في مواقفها من العدوان الإسرائيلي على غزة.

التزام بحل الدولتين دون خطوات

لطالما أعلنت ألمانيا التزامها بحل الدولتين، وهي رؤية أكدها المستشار أولاف شولتس بقوله إن الفلسطينيين “بحاجة إلى أفق واضح لدولة مستقلة في الضفة الغربية وغزة”. كما شددت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك على أن التهجير القسري للفلسطينيين يشكل انتهاكاً للقانون الدولي. ومع ذلك، فإن هذا الموقف لا يتجاوز حدود الدبلوماسية الهادئة، ولا يترافق مع أي إجراءات عقابية ضد إسرائيل. فعلى عكس سياساتها تجاه دول أخرى، مثل فرض عقوبات على روسيا بسبب احتلالها لأجزاء من أوكرانيا، تمتنع برلين عن اتخاذ أي خطوة مماثلة ضد إسرائيل، حتى عندما تستمر الأخيرة في توسيع المستوطنات التي تقضي فعلياً على أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

تجاهل لمعاناة الفلسطينيين

السياسة الألمانية تجاه إسرائيل قائمة على مبدأين رئيسيين: الأول هو “المسؤولية التاريخية” عن المحرقة النازية (الهولوكوست)، والتي جعلت دعم إسرائيل عنصراً ثابتاً في السياسة الخارجية الألمانية. والثاني هو الالتزام بالقانون الدولي، الذي يُستخدم غالباً في قضايا مثل ضم الأراضي أو الاستيطان، ولكن دون اتخاذ إجراءات ملموسة ضد إسرائيل. هذه المفارقة تجعل الموقف الألماني انتقائياً: فهو يعارض تهجير الفلسطينيين، لكنه في الوقت ذاته يمتنع عن اتخاذ أي موقف قوي ضد السياسات الإسرائيلية التي تجعل من حياة الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية غير قابلة للاستمرار.

لا تبعات سياسية

وبينما ترفض ألمانيا تصريحات ترامب. فإن هذا الرفض لا يحمل أي تبعات سياسية أو دبلوماسية. ما يعني أن الموقف الألماني يظل أقرب إلى تسجيل اعتراض رمزي دون أن يؤدي إلى تغيير حقيقي على الأرض. ولو كانت برلين جادة في دعم الفلسطينيين، لكانت استخدمت ثقلها السياسي والاقتصادي للضغط على إسرائيل، سواء بوقف صادرات الأسلحة أو بفرض قيود على المستوطنات.

في النهاية، يكشف هذا الموقف عن معضلة أساسية في السياسة الخارجية الألمانية. فكيف يمكن لبرلين أن تدعم القانون الدولي وحقوق الفلسطينيين، بينما تظل ملتزمة بشكل شبه مطلق بأمن إسرائيل القائم أساساً على تهجير الفلسطينيين؟ طالما لم تُحسم هذه الإشكالية، سيظل الموقف الألماني أقرب إلى التناقض بين المبادئ والتطبيق، وهو ما يجعل رفضها لسياسة ترامب خطوة صحيحة، ولكنها غير كافية.

Amal, Frankfurt!
Privacy Overview

This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.