Bild: Fabian Sommer/dpa
يناير 30, 2025

بعد تحالفه مع “البديل”.. هل مهّد التحالف المسيحي لهزيمته قبل بدء الانتخابات؟

في خطوة قد تكون بمثابة نقطة فارقة في تاريخ التحالف المسيحي (CDU/CSU). أقر البرلمان الألماني أمس الأربعاء 29 يناير/ كانون الثاني مقترحاً لزيادة عمليات إعادة طالبي اللجوء من الحدود الألمانية. وذلك بفضل دعم حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) لمقترح التحالف المسيحي. المفارقة أن هذا الدعم جاء في وقت تزايدت فيه الدعوات من أعضاء داخل التحالف ذاته لحظر الحزب المتطرف بسبب اتهامات له بخرق الدستور. وتثير هذه التطورات العديد من التساؤلات حول المسار الذي يتبعه التحالف المسيحي قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة. وتفتح الباب أمام نقاشات حول مستقبل السياسة الألمانية برمتها.

التحالف مع اليمين المتطرف

ينص المقترح الجديد إلى فرض قيود صارمة على دخول ألمانيا، بما في ذلك حظر دخول الأشخاص، الذين لا يملكون وثائق سفر سارية، حتى لو كانوا يعتزمون تقديم طلب لجوء. كما يتضمن تشديداً في عمليات الترحيل، وتعزيز دور الشرطة الاتحادية، وفرض رقابة دائمة على الحدود. ويتماشى هذا المقترح مع نوايا حزب البديل نفسه، الذي يطالب بالخروج من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالهجرة. وإنشاء مراكز احتجاز للمهاجرين غير الشرعيين، والترحيل الجماعي للمتهمين بجرائم خطيرة. وعلى الرغم من أن هذا التحرك ينسجم مع مشاعر القلق من الهجرة التي يتبناها قطاع من الرأي العام الألماني. فإن التحالف المسيحي الذي اعتاد الوقوف في صف القيم الديمقراطية قد يواجه ردة فعل عكسية. إذ أن تبني هذا المقترح المدعوم من اليمين المتطرف قد يضر بسمعة الحزب، ويزيد من رفض الناخبين له في الانتخابات القادمة.

خيانة المبادئ الوسطية

من خلال هذه الخطوة، يبرز بشكل واضح أن التحالف المسيحي قد تراجع عن مبادئه الوسطية التي لطالما شكلت جزءاً أساسياً من هويته. فبإشراكه حزب “البديل” في دعم المقترح المتعلقة بالهجرة. يكون التحالف قد سمح لأول مرة في تاريخه بتبني موقف يميني متطرف في هذا الملف الحساس. ويثير هذا التحول الكثير من التساؤلات حول تأثيره على صورة الحزب على المدى الطويل. لا سيما في ظل انقسام الآراء داخل المجتمع الألماني حول هذه السياسات.

ردود الفعل

لم يكن لقرار التحالف المسيحي أن يمر دون أن يثير ردود فعل قوية على مختلف الأصعدة. فقد انتقدت المستشارة السابقة أنجيلا ميركل بشدة هذا التحول، واعتبرت أن تمرير المقترح بدعم من حزب البديل يعد “خطأً”. وأعربت عن قلقها العميق من هذه الخطوة، معتبرة أن ذلك قد يعرض القيم الديمقراطية في ألمانيا للخطر. في المقابل، دعا حزب اليسار (Die Linke) الأحزاب الأخرى مثل الحزب الديمقراطي الاجتماعي (SPD) والخضر (Grüne) إلى استبعاد أي تحالف مع رئيس التحالف، فريدريش ميرتس، في حال فوزه بمنصب المستشار رداً على تحالفه مع البديل. وأشار اليسار إلى أن ميرتس لا يمتلك الصفات اللازمة ليكون مستشاراً، واتهمه بالتعاون مع القوى المتطرفة، محذراً من مخاطر هذا التحالف على الديمقراطية. وأكد الحزب موقفه الرافض لأي تعاون مع البديل، مشدداً على ضرورة التصدي للفاشية والعمل على حل القضايا الاجتماعية.

هل يدرك التحالف المسيحي تداعيات تحالفه؟

مع تصاعد الانتقادات والمخاوف من تداعيات هذا التحالف، يبرز سؤال جوهري: هل يدرك التحالف المسيحي (CDU./CSU) أنه يغامر بمستقبله السياسي وسمعته الديمقراطية عبر التقاطع مع حزب البديل، حتى وإن كان ذلك بصورة غير مباشرة؟ إن المضي قدماً في هذا النهج لا يعني مجرد خسارة انتخابية محتملة، بل قد يشكل تحولاً جذرياً في المشهد السياسي الألماني. حيث يصبح التيار المحافظ شريكاً ضمنياً بتمكين القوى اليمينية المتطرفة. وفي حال لم يتراجع التحالف المسيحي عن هذا المسار، فلن يكون الضرر مقتصراً عليه وحده. بل سيمتد ليهدد أسس الديمقراطية الألمانية ويعيد تشكيل موازين القوى على نحو قد يصعب التراجع عنه.