في خطوة تعكس تطلعات حزب الخضر لإحداث تغيير جوهري في المشهد السياسي الألماني، أعلن حزب الخضر عن اختيار روبرت هابيك كمرشح له لخوض الانتخابات الفيدرالية المقبلة والمنافسة على منصب المستشارية. ويعد هابيك، الذي يشغل حالياً منصب وزير الاقتصاد، أحد أبرز الشخصيات في الحزب ويعرف بنهجه المبتكر وشخصيته القريبة من الناس.
وجه جديد للمستقبل السياسي
فالرجل البالغ من العمر 55 عاماً، ليس مجرد سياسي تقليدي. ومنذ سنوات، قدّم نفسه كزعيم يتميز بالبساطة والشفافية، بعيداً عن الطابع الرسمي الصارم. وخلال مؤتمر قمة الويب في لشبونة، ظهر هابيك مرتدياً سترة رمادية اللون وسط مجموعة من رواد الأعمال، ليؤكد على رؤيته بأن السياسة يجب أن تكون قريبة من الناس وحياتهم اليومية.
لكنّ نهج هابيك يعتمد على تقديم حلول واقعية للأزمات الحالية، سواء في الاقتصاد أو البيئة أو التكنولوجيا. بصفته وزيراً للاقتصاد، أكد على أهمية تعزيز المساواة في الفرص ودعم النساء في الأعمال التجارية، وهي رسالة ركز عليها خلال مشاركته في الفعاليات الدولية.
الحزب يدعمه بالإجماع
ولذلك حظي اختيار هابيك بدعم واسع من قيادة حزب الخضر وأعضائه. وجاء في بيان رسمي للحزب أن “روبرت هابيك لديه ما يلزم ليكون مستشاراً جيداً”. يذكر أن هابيك كان أحد القادة الذين قادوا الحزب لتحقيق نتائج قوية في الانتخابات الفيدرالية لعام 2021، وهو الآن يطمح لتحقيق إنجاز مماثل.
تحديات كبيرة وآمال عريضة
بالرغم من أن حزب الخضر واجه تحديات انتخابية كبيرة، إذ أشارت استطلاعات الرأي إلى حصوله على 12% فقط من نوايا التصويت، عبر هابيك عن تفاؤله قائلاً: “ربما سأفوز بهذا الشيء أيضاً.” وهذا التفاؤل يعكس تصميمه على تقديم رؤية جديدة لألمانيا تقوم على الاستدامة، العدالة الاجتماعية، وتعزيز فرص العمل.
روبرت هابيك وميرز في سباق متقارب على المستشارية
لكنّ استطلاع قناة ZDF الأخير أظهر تغيّراً واضحاً. حيث تساوى روبرت هابيك مع فريدريش ميرز، زعيم حزب CDU، بنسبة 27% لكل منهما في سؤال المستشارية. وعند مقارنة المرشحين بشكل مباشر، تقدم ميرز بفارق ضئيل على هابيك بنسبة 44% مقابل 41%.
رؤية هابيك لمستقبل اللاجئين السوريين
وربّما كان لتصريحاته الأخيرة دور في ارتفاع نسبة التصويت الأخير. فقد أثار تصريحه حول السوريين ووجودهم في ألمانيا نقاشاً واسعاً. حيث أكد أن العمل هو المعيار المركزي لتحديد وجود اللاجئين السوريين في ألمانيا. وقال في مقابلة مع إذاعة Deutschlandfunk: “يمكننا حقاً الاستفادة من أولئك الذين يعملون هنا”. مشيراً إلى أن اللاجئين الذين يساهمون في سوق العمل يمكنهم البقاء.
أما بالنسبة للذين لا يعملون، أضاف هابيك: “إذا كانت بلادهم آمنة ومستقرة، سيكون بإمكانهم أو حتى مضطرين إلى العودة إلى وطنهم”. وهذه التصريحات تتماشى مع مواقف سابقة أعربت عنها وزيرة الداخلية الفيدرالية نانسي فيزر، التي شددت أيضاً على أهمية التدريب والتكامل الجيد كشرط للبقاء في ألمانيا.
اقتراح هابيك يثير جدلاً حول مكاسب رأس المال
كما أثار اقتراح روبرت هابيك بزيادة مساهمات الضمان الاجتماعي على مكاسب رأس المال جدلاً واسعاً في ألمانيا. حين قال “لماذا يجب أن تكون الأجور مثقلة أكثر من أرباح الأسهم والفوائد؟”. في إشارة إلى ضرورة مساهمة مكاسب رأس المال في تمويل الأنظمة الاجتماعية المتعثرة. ورغم الجدل، شدد حزب الخضر على أن الاقتراح يستهدف أصحاب الثروات الكبيرة فقط وليس المدخرين الصغار.