تحويلات الأموال إلى خارج ألمانيا كانت دائمًا موضوعًا مثيرًا للجدل، خاصة عندما يتعلق الأمر باللاجئين والمهاجرين. حديث الساسة الألمان يشدد على أن هذه التحويلات المالية، كان لها دور باتخاذ إجراءات عدة، منها إيقاف المساعدة النقدية للاجئين ومنحهم بطاقات دفع مسبق لا تتيح سحب النقود بأكثر من 50 يورو شهريًا! لكن دراسة حديثة كشفت أن هذه المخاوف مبالغ فيها! وأن تحويل الأموال يلعب دورًا مهمًا بالتنمية الاقتصادية ومحاربة الفقر عالميًا.
نتائج الدراسة: تحويلات اللاجئين محدودة جدًا
الدراسة التي أجراها معهد البحوث الاقتصادية الألماني (DIW) أظهرت أن عدد اللاجئين الذين يحولون أموالًا إلى الخارج قليل جدًا. ففي عام 2021، فقط 7% من اللاجئين المقيمين في ألمانيا أرسلوا أموال إلى أوطانهم. هذا يمثل انخفاضًا كبيرًا مقارنة بعام 2013، عندها كانت النسبة 13%. على الجانب الآخر، أظهرت الدراسة أن نسبة المهاجرين العاملين الذين يرسلون أموالًا ارتفعت من 8% إلى 12% خلال نفس الفترة. ما يؤكد أن اللاجئين ليسوا الفئة الرئيسية التي تقوم بهذه التحويلات المالية.
بطاقات الدفع: ادعاءات دون دليل واضح
كانت واحدة من الأسباب التي بررت الحكومات الاتحادية إدخال بطاقات الدفع للاجئين هو منع تحويل الأموال “بشكل كبير” إلى الخارج. هذه البطاقات تقيد استخدام الأموال وتمنع عمليات السحب النقدي والتحويل. ولكن الدراسة أكدت أن هذه الادعاءات لم تستند إلى أي بيانات علمية. تشير بيانات البنك المركزي الألماني إلى أن مجموع التحويلات من ألمانيا للخارج بلغ 22 مليار يورو عام 2023. هذه الأرقام تشمل جميع السكان، بما في ذلك الألمان الذين يرسلون الأموال لدعم أقاربهم أو طلابهم الذين يدرسون في الخارج.
تحويل الأموال: أداة لمحاربة الفقر وتعزيز التنمية
تؤكد الدراسة على الأهمية الاقتصادية والاجتماعية لتحويل الأموال. وفقًا للباحثة أدريانا ر. كاردوزو سيلفا، فإن دعم المهاجرين لأسرهم في بلدانهم الأصلية ليس فقط حقًا مشروعًا، بل يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة. أوضحت الدراسة أن هذه التحويلات تساهم بتحسين مستوى المعيشة في البلدان النامية وتحد من موجات الهجرة الناتجة عن الفقر. اللاجئون والمهاجرون الذين يرسلون الأموال يدعمون البنية الاقتصادية في بلدانهم الأصلية، ما يساهم باستقرار المجتمعات وتقليل التفاوتات الاقتصادية.
الدروس المستفادة وأهمية السياسات المدروسة
تكشف هذه الدراسة عن ضرورة استناد السياسات المتعلقة باللاجئين إلى بيانات دقيقة بدلًا من الانطباعات غير المدعومة. أولًا: التحويلات المالية من اللاجئين محدودة ولا تشكل تهديدًا اقتصاديًا. ثانيًا: يجب النظر إلى تحويل الأموال كوسيلة لدعم التنمية ومحاربة الفقر. أخيرًا: توفير آليات مرنة للاجئين لإدارة أموالهم يساهم بتعزيز الاستقلال المالي واحترام حقوق الإنسان.
أثبتت الدراسة أن المخاوف حول تحويل الأموال من اللاجئين مبالغ فيها، وأن هذه التحويلات لها فوائد إنسانية واقتصادية واسعة. ومن الضروري أن تركز النقاشات على تعزيز السياسات التي تدعم التنمية والاستقرار بدلًا من تقييد الحقوق المالية للمهاجرين واللاجئين.