Photo: epd-bild/Christian Schwier
نوفمبر 19, 2024

أرباح مشبوهة لشركة بريطانية تدير مراكز إيواء لاجئين في ألمانيا!

تواجه شركة Serco البريطانية، أكبر مشغّل خاص لمراكز إيواء اللاجئين في ألمانيا، انتقادات متزايدة بشأن سوء الخدمات، نقص الكوادر البشرية، وعدم كفاية الرعاية المقدمة لطالبي اللجوء. وتشير وثائق سرية من داخل الشركة، حصلت عليها ARD-Magazin Monitor، وصحيفة Süddeutsche Zeitung، وبرنامج ZDF-Magazin Royale إلى أن الشركة تدير نموذجاً تجارياً مربحاً للغاية، مع تحقيق هوامش ربحية مرتفعة.

اللاجئون بين مراكز حكومية وإدارة خاصة

عادةً ما يتم إيواء طالبي اللجوء في ألمانيا لسنوات في مراكز تديرها الحكومات المحلية أو البلديات. لكن في كثير من الأحيان، يتم تسليم إدارة هذه المراكز إلى شركات خاصة عبر عقود ضخمة تشمل إدارة العمليات والخدمات الاجتماعية. وتبرز Serco، عبر شركاتها الفرعية مثل ORS وEuropean Homecare، كأكبر اللاعبين في هذا المجال، حيث تدير 130 مركزاً للاجئين في ألمانيا.

في ولاية نورد راين فيستفاليا، تدير الشركة 19 من أصل 57 مركزًا حكومياً، أي نحو ثلث المراكز. وفي ولاية هيسن، تدير نصف المراكز، بينما في ولاية راينلاند-بفالتس تدير ستة من أصل سبعة مراكز حكومية. تشير البيانات إلى أن نسبة مراكز الإيواء الحكومية التي يديرها مشغلون من القطاع الخاص في ألمانيا تتجاوز 30%.

نشاط عالمي لشركة Serco

تعرّف Serco نفسها عبر مقاطع الفيديو الترويجية بأنها شركة خدمات حكومية عالمية، حيث تنشط في دول مثل السعودية وأستراليا والمملكة المتحدة، وتختص في مجالات مثل حماية الحدود، إدارة السجون، ودعم الجيوش في الخدمات البحرية والجوية والبرية، بالإضافة إلى إدارة مراكز اللاجئين في ألمانيا.

ومع ذلك، تواجه الشركة انتقادات شديدة منذ أشهر. ففي أبريل الماضي، ألغت حكومة برلين عقوداً مع فرع الشركة ORS لإدارة ثلاثة مراكز للاجئين بسبب “مخالفات جسيمة”. وأظهرت تقارير أن وفاة طالب لجوء في أحد مراكز ORS مرّت دون أن يلاحظها الموظفون لأسابيع.

عقوبات وغرامات بسبب التقصير

اتهمت عدة جهات Serco بتوظيف عدد غير كافٍ من الموظفين في العديد من مراكز الإيواء. وفرضت جهات متعاقدة غرامات على الشركة بسبب هذا النقص. بدورها، عزت Serco المشكلة إلى نقص العمالة المتخصصة في ألمانيا، والذي يصل إلى “10-15%”. ونفت الشركة الاتهامات بمحاولة خفض التكاليف لتحقيق أرباح أعلى.

أرباح طائلة من مراكز اللاجئين

وفقاً لوثائق حصلت عليها Monitor، حققت ORS في الربع الأول من عام 2023 هوامش ربحية كبيرة. ففي مركز الاستقبال في مدينة Meßstetten بولاية بادن-فورتمبيرغ، وصلت الهوامش إلى 45%، بينما بلغت 50% تقريباً في مركز Bernkastel-Kues بولاية راينلاند-بفالتس. ووصفت ORS في تقاريرها الداخلية هذه الأرقام بأنها “تلبي توقعاتنا”.

ورفضت الشركة تقديم تفسير لهذه الهوامش المرتفعة، لكنها ذكرت أن هامش الربح الصافي لجميع أعمالها في مجال الهجرة في أوروبا لعام 2023 كان “في نطاق الأرقام الأحادية”. كما رفضت الشركة إجراء مقابلات صحفية حول القضية.

انتقادات لخصخصة إدارة مراكز اللاجئين

يرى عالم الاقتصاد فيرنر نينهويسر من جامعة دويسبورغ-إيسن أن اعتماد الحكومة على شركات مثل Serco يثير القلق. ويعتقد أن خصخصة العقود لشركات ربحية قد يؤدي إلى إنفاق الأموال بشكل لا يخدم مصالح دافعي الضرائب أو اللاجئين. إذ تذهب الأرباح إلى المستثمرين والملاك. وأشار إلى أن شركة European Homecare التابعة لـ Serco حققت أرباحاً صافية بلغت 26 مليون يورو عام 2022. ودعا إلى إعادة التركيز على المنظمات غير الربحية ذات الخبرة في إدارة مراكز اللاجئين.

شكاوى من اللاجئين والموظفين السابقين

تحدث ثلاثة موظفين سابقين في ORS من ولاية راينلاند-بفالتس إلى Monitor عن الضغوط المالية وتأثيرها على اللاجئين. وقال أحدهم إن اللاجئين “يُعاملون كأرقام قابلة للفوترة وليس كبشر”. وذكر آخرون أن الشركة تعتمد على عمال غير مدربين لتوفير التكاليف، كما أن الشكاوى بشأن الطعام السيئ قوبلت بتعليقات مثل: “سيتعودون عليه”.

في المقابل، أكدت ORS أنها توظف فقط أفراداً مؤهلين ومُدربين، وتدفع أجوراً مناسبة لعملهم. لكنها نفت مسؤوليتها عن تقديم خدمات الطعام في المراكز.

تحذيرات من العواقب طويلة المدى

انتقدت عدة مجالس معنية بشؤون اللاجئين في ولايات مثل ساكسونيا وشمال الراين-فستفاليا، إلى جانب جمعيات خيرية، الاعتماد المتزايد على الشركات الربحية في إدارة مراكز اللاجئين. وحذّرت من أن ذلك قد يؤدي إلى تكاليف اجتماعية وبشرية كبيرة على المدى البعيد.