دخلت ألمانيا أسبوعها الأول مع حكومة أقلية بعد انهيار الائتلاف الحاكم المعروف بـتحالف “إشارة المرور” (Ampel). وهو الوضع الذي يفرض تحديات كبيرة بتمرير القوانين. ورغم هذه الصعوبات، تمكنت الحكومة الحالية بقيادة الحزبين الاشتراكي الديمقراطي (SPD) والخضر، من تمرير أول قوانينها بمساعدة من المعارضة!
القوانين المعتمدة شملت تعديلًا في مجال توريث المزارع وإطالة العمل بتقنيات مراقبة الاتصالات. وهي خطوة ضرورية لتجنب فراغ تشريعي في هذه المجالات. ومع ذلك، أكدت المعارضة، خاصة الاتحاد المسيحي بشقيه (CDU/CSU)، أن دعمها لن يتحول إلى قاعدة ثابتة.
دعم محدود من الاتحاد
في جلسة البرلمان الاتحادي الأخيرة، أعلن الاتحاد المسيحي الديمقراطي بوضوح أنه لن يكون “البديل” الدائم للحكومة بعد انهيار الائتلاف. مع ذلك، قدم الحزب دعمه “لبعض القوانين التي لا يمكن تأجيلها”.
تشمل التعديلات التي أُقرت قانون توريث المزارع في أربع ولايات (هامبورغ، نيدرزاكسن، شمال الراين-فيستفالين، وشليسفيغ-هولشتاين)، وهو أمر كان يجب معالجته بعد حكم المحكمة الدستورية عام 2018. إلى جانب ذلك، مدد العمل بمراقبة الاتصالات لمكافحة جرائم السطو. إذ كان من الممكن أن تنتهي القوانين الحالية بحلول 12 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
صعوبات أمام مشاريع كبرى
وعلى الرغم من هذا التعاون المحدود، يظل تمرير مشاريع القوانين الكبرى شبه مستحيل! وأكد الاتحاد المسيحي الديمقراطي أنه لن يدعم مبادرات مثل “حزمة التقاعد الثانية”، التي تهدف إلى رفع مستوى المعاشات التقاعدية بشكل دائم.
كما أعلن الاتحاد رفضه التعاون في تمرير قانون “تطوير الضرائب”، الذي يهدف إلى تقليل أثر التضخم. مشيرًا إلى أن البرلمان الجديد الذي سينتخب، يمكنه أن يتعامل مع هذا الملف بأثر رجعي. كذلك، تتلاشى الآمال في إقرار “الضمان الأساسي للأطفال” أو رفع إعانة الأطفال. بالإضافة إلى خطط إعادة تفعيل التجنيد الإجباري التي اقترحها وزير الدفاع.
التحديات المقبلة لحكومة الأقلية
تبرز الأسئلة حول قدرة حكومة الأقلية على الاستمرار في ظل هذا الوضع. وفي حين أن التعاون مع المعارضة ممكن في بعض القضايا العاجلة، يظل الطريق مسدودًا أمام مشاريع القوانين طويلة المدى أو تلك التي تحمل طابعًا سياسيًا كبيرًا. كما أن المشاريع المتعلقة بمستقبل النقل العام، مثل تمويل تذاكر ألمانيا (Deutschlandticket) بعد عام 2026، تواجه مصيرًا غامضًا.
الشعار المؤيد لفلسطين
أصبحت قضية الشعار المؤيد لفلسطين “From the river to the sea, Palestine will be free” موضوعًا للبت في المحكمة الاتحادية العليا في ألمانيا. جاء ذلك بعد إدانة محكمة برلين امرأة بتهمة استخدام رموز منظمة إرهابية. وحكمت عليها المحكمة بدفع غرامة مالية قدرها 1,300 يورو. وتتعلق القضية بامرأة إيرانية الجنسية نشرت الشعار عبر حسابها العام على إنستغرام أواخر عام 2023. ووفقًا للمحكمة، يرتبط الشعار بمنظمة حماس المصنفة كإرهابية في ألمانيا. الدفاع استأنف الحكم، معتبرًا أن هناك جدلًا قانونيًا واسعًا حول تفسير الشعار وحظره، خاصة مع اختلاف الأحكام في المحاكم الألمانية. هذا الملف قد يحدد سابقة قانونية على المستوى الوطني.
اختبار الديمقراطية الألمانية
يشكل الوضع الراهن اختبارًا حقيقيًا للديمقراطية الألمانية وآليات العمل البرلماني. حكومة الأقلية تضطر إلى تقديم تنازلات كبيرة للحصول على الدعم اللازم، بينما تُظهر المعارضة موقفًا متوازنًا بين التعاون المحدود والحفاظ على استقلالها السياسي. ومع اقتراب الانتخابات المقبلة، يظل السؤال الأساسي: هل يستطيع هذا النموذج تقديم استقرار سياسي، أم أن الحل يكمن في انتخابات جديدة؟