تؤدي مجالس المواطنين دورًا مهمًا بتعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار بألمانيا. وذلك عبر تقديم توصيات للسياسات العامة تركز على هموم المجتمع وتطلعاته.
ما هي مجالس المواطنين؟
مجالس المواطنين هي تجمعات من أشخاص يتم اختيارهم عشوائيًا لتمثيل التنوع المجتمعي. يجتمع هؤلاء الأعضاء عدة مرات لمناقشة قضايا معينة، بهدف تقديم توصيات تعكس اهتمامات الناس وتجاربهم الحياتية. يساعد هذا النموذج على إدخال أصوات غير ممثلة في عملية اتخاذ القرارات السياسية. ووفقًا لتقرير صادر عن معهد الديمقراطية والأبحاث في جامعة بيرجيش. تضاعف عدد المجالس التي تنعقد سنويًا ليصل إلى حوالي 30 مجلسًا سنويًا بين 2020 و2023. ما يعكس تزايد اهتمام المجتمع والساسة بهذا النوع من المشاركة.
كيفية الانضمام إلى هذه المجالس
يتم اختيار أعضاء مجلس المواطنين عشوائيًا عبر السجلات السكانية المحلية وترسل دعوات لهؤلاء للمشاركة. مع مراعاة التنوع بحيث تشمل المجموعة رجالاً ونساءً، وتضم خلفيات تعليمية وعرقية متنوعة. كما يتم توفير دعم لوجستي لضمان مشاركة الجميع، على سبيل المثال، توفير رعاية للأطفال وتغطية لتكاليف المشاركة.
كيف تعمل هذه المجالس؟
يحدد موضوع النقاش أولاً، ثم يتلقى المشاركون معلومات من خبراء متخصصين حول الموضوع، قبل أن يناقشوه ضمن مجموعات صغيرة بإشراف مُيسرين. وفي نهاية النقاشات، يتم إعداد تقرير شامل يتضمن التوصيات، يُقدم إلى الجهات المختصة مثل المجالس المحلية أو البرلمان. بعدها، تدرس الجهات السياسية التوصيات وتقرر ما إذا كانت ستطبقها أو تعدلها أو ترفضها.
المواضيع التي تناقشها المجالس
تتناول مجالس المواطنين قضايا مهمة تتعلق بالمجتمع، منها البنية التحتية والاستدامة والشؤون الاجتماعية والبيئة والتخطيط العمراني. تتسم هذه المواضيع بالمرونة وإمكانية التوصل إلى توصيات واقعية وقابلة للتطبيق تعكس مواقف متعددة.
الدور على المستوى الوطني
كما نُظمت مجالس مواطنين على المستوى الاتحادي بألمانيا، مثل مجلس المواطنين الذي تناول موضوع “التغذية المتغيرة”. وقد أسفر هذا المجلس عن عدة توصيات، منها تقديم وجبات مدرسية مجانية. كما أقيمت مجالس وطنية بالتعاون مع وزارات اتحادية ومنظمات مدنية، ما يدل على اهتمام الحكومة المركزية بمشاركة المواطنين.
الأهمية في دعم السياسة
تساعد مجالس المواطنين في توفير صورة أكثر تفصيلية عن اهتمامات وتوجهات الشعب، تتعدى مجرد استطلاعات الرأي التقليدية. إذ تقدم المجالس أيضًا أسباباً لوجهات النظر المختلفة. وتساعد هذه العملية على دعم القرارات السياسية بشكل يتوافق مع تطلعات المواطنين. ما يعزز إمكانية التوصل إلى حلول وسطى تحظى بتأييد أوسع.
هل تؤثر مجالس المواطنين على القرارات السياسية؟
في هذا الشأن، أشار “معهد الديمقراطية والأبحاث” و”جمعية المزيد من الديمقراطية”. إلى أنه ليس من السهل تحديد مدى تأثير التوصيات على القرارات النهائية، إذ نادرًا ما يتم الإفصاح عن نتائج اعتماد التوصيات أو رفضها. ومع ذلك، تزداد احتمالية تأثير توصيات المجالس كلما كانت مرتبطة مباشرةً بجهات سياسية، حيث يتفاعل صناع القرار معها بشكل مباشر.
الوصول إلى عمل مجالس المواطنين
توفر جمعية “المزيد من الديمقراطية” ومعهد الديمقراطية قاعدة بيانات شاملة عن جميع المجالس القائمة والمخطط لها منذ عام 1972 حتى اليوم. وتضم هذه البيانات معلومات حول أماكن وتوقيتات المجالس، والموضوعات التي تمت مناقشتها. ما يمكّن الجمهور والمهتمين من متابعة هذه العمليات الديمقراطية والانخراط بها.
بهذا، تبرز مجالس المواطنين كأداة ديمقراطية فعّالة تتيح تمثيلاً حقيقيًا لمختلف فئات المجتمع في القرارات التي تؤثر على حياتهم. بشكلٍ يعزز الشفافية والتوافق بين الحكومة والشعب.
المصدر