في 25 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تجمع مجموعة متنوعة من الشخصيات اليمينية في فندق ريفي بالقرب من بوتسدام، شملت أعضاء من حزب البديل من أجل ألمانيا، ممثلي الحركة الهوياتية، وأشخاص من الطبقة الوسطى بما فيهم رجال أعمال وأطباء. الاجتماع، الذي دعا إليه طبيب الأسنان السابق غيرنوت موريج والمستثمر في قطاع الأغذية هانس-كريستيان ليمر، كان يهدف إلى مناقشة أفكار عنصرية حول “الهجرة العكسية”، أي طرد المهاجرين من ألمانيا بناءً على معايير عرقية.
خلفية الاجتماع ومضمونه
الاجتماع كان سريًا، ولم يُفصح عنه إلا من خلال تحقيق صحفي شارك فيه صحفيون من منظمة “كوريكتيف” و”غرين بيس”. تمكن الصحفيون من توثيق تفاصيل الاجتماع عبر التسجيلات والصور، ما كشف عن اجتماع خطير لأصحاب نفوذ وأفكار متطرفة. ركز النقاش بشكل رئيسي على فكرة “الهجرة العكسية”، وهي خطة رئيسية اقترحها الناشط اليميني مارتين زيلنر، تستهدف ثلاثة مجموعات: طالبي اللجوء، الأجانب المتمتعين بحق الإقامة، و”غير المنصهرين في المجتمع” من المواطنين الألمان. الهدف الأساسي هو طرد هؤلاء من ألمانيا، حتى لو كانوا يحملون الجنسية الألمانية.
تواطؤ حزب البديل من أجل ألمانيا
لم يكن هناك أي اعتراض جوهري من ممثلي حزب البديل من أجل ألمانيا على هذه الخطة. بل على العكس، دعمت بعض الشخصيات البارزة مثل غيريت هوي، عضو البوندستاغ، هذه الأفكار، مؤكدة أن الحزب يعمل على هذه الخطة منذ فترة طويلة. يثير هذا التواطؤ المخاوف من توجه الحزب نحو تبني سياسات عنصرية بشكل علني، وهو أمر يضع الحزب في مواجهة محتملة مع القانون الألماني، حيث يُناقش حظر الحزب بسبب مواقفه المتطرفة.
مفاهيم عنصرية في صلب النقاش
ركز الاجتماع على تعزيز مفهوم “الهجرة العكسية” كاستراتيجية سياسية، وتم استعراض أفكار حول كيفية تحقيق ذلك من خلال بناء رأي عام يميني متطرف ودعم حكومة يمينية جديدة بطليعة نشطة. كما تناول النقاش كيفية إضعاف الديمقراطية عبر التشكيك في الانتخابات ومهاجمة المؤسسات الدستورية ووسائل الإعلام.
خطط مستقبلية وتواطؤ اقتصادي
يتضمن الاجتماع أيضًا مناقشات حول دعم هذه الأفكار ماليًا من قبل أصحاب شركات أثرياء يرغبون في السر في دعم تحالفات يمينية متطرفة. تم طرح فكرة جمع تبرعات لاستخدامها في مشاريع دعائية ومبادرات إعلامية يمينية متطرفة. وفي هذا السياق، تم ذكر اسم هانس غيورغ ماسن، الرئيس السابق لهيئة حماية الدستور، كشخصية محتملة لدعم هذه المشاريع.
اليوتوبيا النازية الجديدة
اختتم الاجتماع بنقاش حول فكرة “دولة نموذجية” في شمال أفريقيا، حيث يُخطط لترحيل المهاجرين إليها. هذه الفكرة تعيد إلى الأذهان خطط النازيين لترحيل اليهود إلى مدغشقر. يعكس هذا التخطيط مدى التشدد والتطرف الذي وصل إليه المجتمعون، وكيف يمكن أن تتلاقى استراتيجيات اليمين المتطرف مع الدعم المالي والتشبيك مع الطبقات البرجوازية من أجل تحقيق أهدافهم العنصرية.
خاتمة
يكشف هذا الاجتماع السري عن عمق التشابك بين الأفكار اليمينية المتطرفة والسياسات الحزبية والشبكات الاقتصادية في ألمانيا. تثير هذه التحركات مخاوف جدية حول مستقبل الديمقراطية في البلاد، خاصة مع تزايد نفوذ حزب البديل من أجل ألمانيا وتصاعد حدة الخطاب العنصري. تجدر الإشارة إلى أن هذه الأفكار ليست مجرد خطابات بل تُترجم إلى خطط واقعية تهدد التعايش المجتمعي والسلم الاجتماعي في ألمانيا.
- يمكن قراءة المزيد عن الخطة السرية باللغة العربية هنا.