بات حكم المحكمة الإدارية العليا في مونستر محط نقاش الجميع، وانتشرت مخاوف من الترحيل على أساس هذا الحكم، المتمثل بأن المدنيين في سوريا لم يعودوا يواجهون “تهديداً فردياً جاداً” بسبب الحرب الأهلية. لكن وبحسب الأرقام والإحصائيات، فإن الحرب الأهلية لم تعد السبب الرئيسي لحصول السوريين على الحماية في ألمانيا منذ عدة سنوات.
موقف الحكومة الألمانية من الحكم
لم تتوصل الحكومة الاتحادية الألمانية بعد إلى استنتاجات ملحوظة حول الحكم الذي أصدرته المحكمة الإدارية العليا في ولاية شمال الراين-فيستفاليا. بشأن عودة السوريين إلى وطنهم. وفي حيثيات الحكم، انتقدت المحكمة أيضاً تقييم وزارة الخارجية للوضع في البلاد العربية. وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية إنه سيتم :”دراسة حيثيات الحكم المكتوبة بدقة”.
وأضاف متحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية أن الوزارة حالياً تدرس أسباب الحكم التي تم تقديمها مؤخراً. وأوضح ان وزارة الداخلية الاتحادية والمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين يراجعان دائماً ممارسات اتخاذ القرارات بناءً على المصادر المتاحة، بما في ذلك القرارات القضائية.
الحكم وتأثيره على الحماية الفرعية
بدوره موقع mediendienst-integration.de أجاب عن أهم الأسئلة حول هذا الحكم. منها ما تأثيره على الحماية الفرعية؟. إذ يمكن أن يثير هذا الحكم تساؤلات حول الحماية الفرعية للسوريين عموماً. ومع ذلك، لم تعد الحرب الاهلية التي تُعرف في قانون اللجوء بأنها “نزاع مسلح داخلي”، السبب الرئيسي لحصول السوريين على الحماية في ألمانيا منذ عدة سنوات. إذ قام فريق mediendienst-integration.de بتحليل إحصاءات طلبات اللجوء السورية. والنتيجة: معظم السوريين الحاصلين على الحماية الفرعية في ألمانيا هذا العام حصلوا عليها بسبب “خطر التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية” وهو يتوافق مع الفقرة 4(1) رقم 2 من قانون اللجوء. بينما ركّزت المحكمة الإدارية في حكمها بشكل أساسي على بند “النزاع المسلح الداخلي”. في الفقرة 4(1) رقم 3 من قانون اللجوء، والذي حصل بموجبه 39 شخصاً فقط على الحماية الفرعية بين كانون الثاني/ يناير، ونيسان/ أبريل 2024.
كم عدد السوريين الذين حصلوا على الحماية الفرعية؟
الغالبية العظمى من قرابة مليون سوري يعيشون في ألمانيا لديهم تصاريح إقامة مؤقتة (قرابة 669 ألف شخص). يجب عليهم تجديد تصريح إقامتهم بانتظام: اللاجئون حسب اتفاقية جنيف كل 3 سنوات، الأشخاص الذين لديهم حماية فرعية جزء منهم كل عام، وجزء آخر كل 3 سنوات، والأشخاص الذين لديهم حظر ترحيل عليهم تجديد إقامتهم كل عام. من بين السوريين الذين يعيشون في ألمانيا كـ”طالبي حماية”، يحصل أكثر من الثلث بقليل على الحماية الفرعية.
ما هي أنواع إقامة الحماية الفرعية للسوريين؟
هناك ثلاثة أسباب تُمنح بموجبها الحماية الفرعية لطالبي اللجوء وفقاً لفقرة 4 (1) من قانون اللجوء: إذا كان الشخص مهدد بعقوبة الإعدام، أو إذا كان الشخص مهدد بالتعذيب أو المعاملة السيئة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة. أو إذا كان هناك تهديد “فردي جاد لحياة الشخص أو سلامته بسبب العنف العشوائي في إطار نزاع مسلح”.
ما هي التغييرات في ممارسة قرارات الحماية الفرعية؟
في السنوات الأخيرة، تغيرت ممارسات اتخاذ القرارات في المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين فيما يتعلق بطالبي اللجوء السوريين. في الماضي، كانت القرارات تستند غالباً إلى تهديد الحرب. ولكن في السنوات الأخيرة، أصبح التهديد بالتعذيب أو المعاملة المهينة هو السبب الرئيسي، حيث شكل 93% من القرارات في الربع الأول من العام الحالي 2024، بينما حصل 0.1% فقط على الحماية الفرعية بسبب تهديد الحرب الأهلية.
ما هي أهمية الحكم القضائي؟
للحكم القضائي أهمية فقط للحالة الفردية التي تم الحكم عليها. في ألمانيا لا تشكل الأحكام القضائية سابقة قانونية ملزمة كما في الولايات المتحدة. إضافة إلى ذلك، كان المدعي في القضية مجرماً، وبالتالي تم استبعاده من الحصول على الحماية الفرعية بسبب الجرائم التي ارتكبها. لذا، لا يمكن مقارنة حالته بأغلبية السوريين في ألمانيا. علاوة على ذلك، ركزت المحكمة بشكل أساسي على الحماية بسبب الحرب الأهلية ولم تتناول بشكل كاف الحماية بسبب التهديد بالتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية.
ما هي المخاوف بشأن الحماية الفرعية؟
يرى المحامي المختص في قضايا اللجوء ماتياس لينرت أن الحكم إشكالي، لأن الوضع في سوريا لا يزال هشاً. وأشار إلى وجود مجموعات مسلحة وصراعات قائمة يجعل من غير الواقعي القول بأن الحرب الأهلية قد انتهت. ويعتقد أن السلطات قد تبدأ بالتشكيك في الحماية الفرعية للسوريين بشكل عام. أما عن تأثير الحكم على السوريين في ألمانيا، فبحسب المحامية المختصة في قانون الهجرة جيني فليشر، قد يكون لخفض مستوى الحماية من “حماية فرعية” إلى “حظر ترحيل” تأثير كبير على السوريين في ألمانيا، وخاصة أولئك الذين يقتربون من الحصول على الجنسية. إذ يمكن أن يؤدي ذلك إلى صعوبة في التقدم للجنسية.
المخاوف والاضطراب بين السوريين
يرى المحامي لينرت أن النقاش السياسي و الإعلامي حول الحكم يثير قلقاً بين السوريين في ألمانيا، مما يؤثر سلباً على محاولات اندماجهم. بينما تشير المحامية فليشر إلى أن السوريين الذين لديهم أفراد عائلة في سوريا سيشعرون بعدم الفهم للحكم نظراً للوضع الإنساني الكارثي الذي يشهده أقاربهم.!