أثار قرار المحكمة الإدارية العليا في مونستر بشأن حالة حماية أحد السوريين تساؤلات واسعة. وزير العدل الاتحادي، ماركو بوشمان (FDP)، قال أمس في برلين حوال العواقب المحتملة لهذا الحكم: “المنطق وراء ذلك هو أنه يجب علينا دائماً النظر بدقة في من يمكن ترحيله إلى جزء من سوريا”. وانتقدت بدورها المتحدثة باسم منظمة “برو آزول” القانونية، ويبيكي يوديث، قائلة: “المحكمة الإدارية العليا في شمال الراين- فيستفاليا تقرر بعيداً عن الواقع في سوريا”. وأشارت مصادر مختصة مثل تقرير وزارة الخارجية إلى أن هناك “حالة نزاع كبيرة” مستمرة. وأضافت أنه لا أحد في مأمن من “تعذيب نظام الديكتاتور الأسد”!
وأضاف بوشمان: “لا يمكن القول بشكل عام إن الوضع الأمني في جميع أنحاء البلاد متساوٍ، بل يجب النظر بدقة”. وأشار إلى أن هذا قرار المحكمة “يمكن فهمه إذا افترضنا أن هناك أيضاً مناطق في هذا البلد أصبحت خطيرة للغاية، ولكن هناك أيضاً مناطق أخرى حيث لا يوجد خطر حتمي على حياة وسلامة الناس”!
لا تهديد جدي بسبب الحرب
وأوضحت المحكمة في قرارها أن المدنيين في سوريا لا يواجهون حالياً “تهديداً جدياً وفردياً لحياتهم أو سلامتهم الجسدية نتيجة للعنف العشوائي في إطار النزاع المسلح الداخلي”. وبحسب منصة ميغاتزين، كان المدّعي في القضية أدين بالسجن في النمسا قبل دخوله ألمانيا بسبب تورطه بتهريب البشر من تركيا إلى أوروبا.. وأوضحت المحكمة الإدارية العليا أنه لا يوجد اضطهاداً سياسياً في سوريا! وتم استبعاده من الاعتراف به كلاجئ بسبب الجرائم التي ارتكبها قبل دخوله ألمانيا. ولم تتوفر أيضاً شروط الحماية الفرعية.
فهذه الحماية المحدودة تنطبق على الأشخاص الذين لا يُعترف بهم كلاجئين فرديين مضطهدين، لكن يقدمون أسباباً قوية تدل على أنهم يواجهون أضراراً جدية عند عودتهم إلى بلادهم الأصلية، مثل الحرب الأهلية. وفي قضايا اللجوء الخاصة بسوريا، كان يُفترض حتى الآن وجود تهديد على حياة المدنيين أو سلامتهم الجسدية. في حالة المُدّعي الذي ينحدر من مدينة الحسكة، لم ترى المحكمة هذا التهديد في منطقته الأصلية بالشمال الشرقي ولا في سوريا بشكل عام. يُذكر أن الحكم ليس نهائياً.
وزارة الداخلية والمكتب الاتحادي يحققان
قال متحدث باسم وزارة الداخلية الاتحادية رداً على استفسار “بشكل عام، تقوم وزارة الداخلية والمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين بمراجعة ممارسات القرار بشكل مستمر استناداً إلى المصادر المتاحة”. تشمل هذه المصادر أيضاً قرارات المحكمة، حيث تلعب قرارات المحاكم الإدارية العليا دوراً هاماً.
ومن الجدير ذكره أنه في مؤتمر وزراء الداخلية الذي انعقد في حزيران/ يونيو من هذا العام، كان هناك اتفاق على أنه ينبغي مستقبلاً إعادة المجرمين والمشتبه فيهم إلى أفغانستان وسوريا- ربما عبر الدول المجاورة. وقالت وزيرة الداخلية نانسي فيسر(SPD) حينها في بوتسدام، إنها كانت تتفاوض بالفعل مع عدة دول. فيما يتعلق بسوريا، إلى جانب تسوية المسائل العملية، كان من الضروري أيضاً إعادة تقييم الوضع في البلاد. وقالت إنها واثقة من حل هذا الأمر قريباً مع وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك (الخضر).
دعوات للتواصل مع نظام الأسد
نظراً لاستمرار حركة الهجرة من سوريا، دعت مجموعة من دول الاتحاد الأوروبي إلى إقامة علاقات أوثق مع حكومة نظام الأسد. ويقترح التحالف الذي يضم دولاً مثل إيطاليا والنمسا، من بين أمور أخرى، تعيين ممثل خاص لسوريا. يمكن لهذا الممثل تعزيز العلاقات الدبلوماسية مع جميع الأطراف السورية، وفقاً لوثيقة مناقشة تم تقديمها في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل.
إلى جانب إيطاليا والنمسا، تدعم هذه المبادرة كرواتيا، وجمهورية التشيك، وقبرص، واليونان، وسلوفينيا، وسلوفاكيا. لم تنضم ألمانيا إلى هذه المبادرة بعد. فيما أعرب الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، عن تحفظاته بعد تقديم الوثيقة. ولم يستبعد اتخاذ إجراءات براغماتية لصالح الشعب السوري، لكنه ذكر أن النظام السوري لديه علاقات وثيقة مع روسيا وإيران.
وتشير الوثيقة إلى أن الأزمة الإنسانية المستمرة في البلد الذي يعاني من الحرب تزيد من الهجرة إلى أوروبا. ويجب أن يساهم الاتحاد الأوروبي في توفير ظروف معيشية كريمة في سوريا لضمان العودة الطوعية الآمنة للاجئين. الوثيقة المؤلفة من عشر نقاط هي اقتراح “لسياسة سورية أوروبية واقعية واستباقية وفعّالة”!
آفاق للسوريين الراغبين في العودة
تشير الوثيقة إلى أن العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي في الماضي، لم تحقق النجاح المرجو وأثّرت سلباً على عامة الناس أكثر من صنّاع القرار. من وجهة نظر مقدمي الوثيقة، يمكن دعم القطاع الخاص في سوريا لخلق وظائف وفرص جديدة للأشخاص الذين يرغبون بالعودة إلى سوريا.
في الأشهر الأخيرة، وصل عدد كبير من اللاجئين السوريين إلى قبرص وبالتالي إلى الاتحاد الأوروبي. باستخدام قوارب غير صالحة للإبحار، انتقل الناس من لبنان إلى قبرص، ما أدى إلى وفاة بعضهم. في أيار/ مايو طالبت قبرص وسبع دول أخرى بالاتحاد الأوروبي بإعادة تقييم الوضع في سوريا خلال مؤتمر للهجرة. قيل إن ليس كل المناطق هناك مناطق حرب، وأن هناك أيضاً مناطق آمنة يمكن للاجئين العودة إليها.