خلال عشية عيد الميلاد الماضية رسم شعار النازيين على منازل عائلات مسلمة. كانت الكثير من العائلات تستمتع بالعشاء والتجمع مع أفرادها في مساء ديسمبر البارد. حينها قام مهاجمون مجهولون برسم الصليب المعقوف (رمز النازية) على منازل عائلات مسلمة وألمانية ذات أصول مهاجرة في قرية Rimpar.
تخطى الأمر ذلك لحرق منزل عائلة باكستانية في Wächtersbach. أما أحدث تلك الاعتداءات فوقعت الأسبوع الماضي، عندما قام شخص بكتابة (الهولوكوست للمسلمين) على حائط مسجد مدينة Mössingen. منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ارتفع معدل الحوادث العنصرية التي تستهدف مساجد وممتلكات خاصة لعائلات مسلمة. لم تظهر تصريحات رسمية بعد ترصد حجم التأثير السلبي للتغطية الإعلامية للحرب وتداعياتها على العرب والمسلمين داخل المجتمع الألماني.
في يونيو/حزيران الماضي كتبت وزيرة الداخلية الاتحادية نانسي فيزر في افتتاحية تقرير “معاداة الإسلام –مراجعة ألمانية” “: يعيش في ألمانيا حوالي 5.5 مليون مسلم، غالبيتهم من المواطنين الألمان. لذلك عندما نتحدث عن الإسلام أو الإسلاموفوبيا، يجب ألا ننسى أن ذلك لا يؤثر على مجموعة مجردة. بل على وجه التحديد على زملائنا وجيراننا وزملاء الدراسة والأصدقاء.
الهولوكوست للمسلمين (14/88) على حائط مسجد
مساء الأربعاء الماضي توجه المصلون إلى مسجد IGMG Ensar في مدنية Mössingen لأداء صلاة العشاء. ليتفاجأ الحضور بعبارات مسيئة على حائط المسجد. “الهولوكوست للمسلمين” وبجواره علامة الصليب المعقوف الذي يرمز إلى النازية كما كتب بجواره الأرقام (14/88) وكذلك (1161). يعد الرقمان (14/88) مزيجاً بين رمزين مشهورين للعنصريين البيض. ويعتبر الرقم 14 اختصاراً لشعار العنصريين “يجب أن نؤْمن وجود شعبنا ومستقبل الأطفال البيض”. أما رقم 88 فيرمز إلى تحية “هايل هتلر” فالحرف الثامن في الأبجدية اللاتينية هو حرف (H).
يعد مسجد IGMG Ensar هو المسجد الوحيد بالمدينة التي لا يتخطى تعداد سكانها حوالي 21 ألف نسمة وتقع في ولاية Baden-Württemberg. افتتح المسجد عام 1992 ويبلغ عدد رواده من المسلمين 150 شخص. عندما ذهب المصلون يوم الجمعة إلى المسجد كانوا مصدومين وشعروا بخيبة أمل كبيرة، إذ لم يشهد المسجد منذ افتتاحه أي اعتداءات مماثلة.
وفقاً لصبري أكر رئيس إدارة المسجد، فإن شرطة Mössingen ومدينة Tübingen تتولى التحقيق في حادث الاعتداء باعتباره أضرار مادية فقط. سلمت إدارة المسجد تفريغاً لكاميرات المراقبة التي يظهر فيها الشخص المعتدي وفي انتظار نتيجة التحقيقات. تواجد خلال مطلع الأسبوع الحالي 22 شخص من حزب SPD وLinke لإظهار تضامنهم مع المجتمع المسلم هناك، لكن لم يصدر أي تصريح رسمي من عمدة Mössingen يدين الاعتداء، كما لم يتواصل مع إدارة المسجد. وقد حظيت المدينة باهتمام واسع النطاق في 31 يناير 1933، باعتبارها موقع الانتفاضة العمالية الوحيدة في ألمانيا ضد استيلاء هتلر على السلطة. أدى الإضراب العام وقتها بالمدينة والذي قاده أعضاء الحزب الشيوعي الألماني إلى اعتقال 80 شخصاً.
حريق متعمّد لمنزل عائلة باكستانية
خلال عشية عيد الميلاد الماضية، هاجم شخص أو عدة أشخاص منزل عائلة باكستانية في حي Wittgenborn بمدينة Wächtersbach التابعة لولاية هيسن. يقول جهاز أمن الدولة الذي يتولى التحقيقات إنه حريق متعمّد حيث وجدوا داخل المنزل عبارة “Ausländer raus” مكتوبة على الحائط عدة مرات. عندما اندلع الحريق في الواحدة صباحاً هرعت فرقة إطفاء كبيرة إلى المنزل الواقع مباشرة بجوار سكن للاجئين. الحظ وحده لعب دوره بأنه لم تكن هناك خسائر بالأرواح، لأن العائلة كانت خارج المنزل لزيارة بعض المعارف.
وبحسب التقديرات الأولية، بلغت الأضرار المادية حوالي 350 ألف يورو واستغرق إخماد الحريق ثماني ساعات. رفضت العائلة التي تنتمي لجماعة الأحمدية الإدلاء بأي تصريحات للصحافة أو الإعلان عن هويتهم بسبب خوفهم الشديد، إذ تلقت العائلة في السابق تهديداً خلال مكاملة هاتفية. وفقاً لأحد المقربين من العائلة فإنهم ينتظرون الانتهاء من التحقيقات ثم سيقدمون بياناً رسمياً للصحافة.
الصليب المعقوف واتلاف إطارات السيارات!
في قرية Rimpar التابعة لمدينة Würzburg في بافاريا، رسمت 8 صلبان معقوفة (رمز النازية) على عدة منازل تسكنها عائلات مسلمة. كما اتلفت إطارات 16 سيارة تقف أمام تلك المنازل. وقع الاعتداء عشية عيد الميلاد الماضية، بحق السيارات والمنازل الواقعة على الجانب الأيسر فقط من شارع Ziegelestrasse. تولت الشرطة الجنائية في Würzburg التحقيقات وما تزال تبحث عن شهود عيان، ولم تقبض بعد على الجناة. تقوم الشرطة بالتحقيق فقط في الأضرار المادية التي لحقت بالممتلكات وليس هناك أي تحقيقات لدوافع عنصرية. وفقاً للقانون الألماني فإن الرموز النازية العلنية مثل الصليب المعقوف محظورة في ألمانيا.
صرح فرحات، صهر السيدة زينب التي يعد بيتها ضمن بيوت المتضررين، أن الصليب المعقوف رسم على منزلها واتلفت إطارات سيارتين تملكها العائلة. تعيش السيدة زينب البالغة من العمر 58 بالمنزل منذ عام 2009 ويتكون من طابقين. حيث تسكن في الطابق الثاني وتؤجر الأول ويسكنه حالياً عائلة أفغانية لجأت حديثاً إلى ألمانيا. كذلك سبقها عائلة أفغانية سكنت لفترة في المنزل، وبحسب فرحات فإن المنزل يسمونه في الشارع منزل اللاجئين. السيدة التركية التي ترتدي الحجاب يظهر اسمها على صندوق البريد مثل عائلات مسلمة أخرى معلناً عن هويتهم، ما سهل على المعتدي اختيار المنازل خلال هجومه!
أضاف فرحات أن العائلة في البداية كانت مشغولة بالأوراق الروتينية من أجل التأمين وتحقيقات الشرطة. ولم تتاح لهم الفرصة بالتفكير في بشاعة الاعتداء وإدراك أنهم ضحايا حادث عنصري. نجحت إحدى بنات السيدة زينب بعد ضغوط مستمرة لمدة أسبوع من إقناع موقع القرية نشر خبر صغير عن الاعتداء. بينما لم يهتم عمدة Rimpar أو السياسيون بالقرية بالتواصل مع ضحايا الاعتداء!